لجنة الفلاحة تعقد جلسة استماع حول أزمة زيت الزيتون وحول الإشكاليات التي تهدد الصحة الحيوانية

عقدت لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري جلسة، يوم الجمعة 31 جانفي 2025 استمعت خلالها إلى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والوفد المرافق له حول أزمة زيت الزيتون وحول الأوبئة المنتشرة في القطيع على غرار الجلد العقدي والسل وداء الكلب والحمى القلاعية.

وخصصت الجلسة الصباحية لمناقشة أزمة قطاع زيت الزيتون، حيث قدم الوزير معطيات حول هذا القطاع، مبينا أن الإنتاج الوطني للموسم الحالي قُدر بـ 340 ألف طن مقابل 220 ألف طن للموسم الفارط أيّ بارتفاع بـ 55%، مؤكدا أنّ نسبة تقدم الجني لهذا الموسم بلغت إلى غاية 28 جانفي 2025 حوالي 80%، وقُدر عدد المعاصر المشتغلة بحوالي 1034 معصرة منها حوالي 925 معصرة نظام متواصل.

وأوضح أنّ أسعار زيت الزيتون المتداولة محليا عند الإنتاج من المعاصر قد سايرت المنحى التنازلي للأسعار المتداولة في السوق العالمية والتي سجلت انخفاضا تدريجيا من 7.7 أورو إلى حدود 4 أورو وحاليا 4.5 أورو، مبيّنا أنّه تمّ اتخاذ عدة اجراءات لحماية الفلاح وإيقاف هذا المنحى التنازلي للأسعار على غرار وضع طاقة الخزن المتوفرة لدى الديوان الوطني للزيت بمراكزه الجهوية على ذمة الفلاح للكراء وإسناد منحة خزن بـ100د للطن الواحد لكل شهر لمدة 3 أشهر وإبرام اتفاقية مع البنك التونسي للتضامن لتنفيذ خط تمويل بقيمة 20 مليون دينار، إلى جانب تنفيذ البرنامج الوطني للاستهلاك الداخلي لزيت الزيتون حيث بلغت المبيعات المنجزة من زيت الزيتون البكر الممتاز المعلب لفائدة منخرطي التعاونيات والوداديات في القطاع العمومي 582 ألف لتر مع مواصلة عملية التعليب لتزويد المساحات التجارية بالكميات المطلوبة فضلا عن إقرار برنامج لتمويل خزن الزيت وتسهيل إجراءات التصدير.    

وخلال النقاش، أكد النواب أهمية قطاع زيت الزيتون في تونس من حيث مساهمته في تحسين دخل الفلاح مما يضمن حيوية للقطاع الفلاحي ككل بالاضافة، إلى دوره في إنعاش الاقتصاد الوطني حيث  مكن من تجاوز عجز الميزان التجاري في السنة الفارطة.  

وأشاروا إلى عمق الأزمة الراهنة التي شهدها القطاع نتيجة ضعف الإجراءات التي تمّ اتخاذها وبطء تنفيذها مما سيؤثر سلبا على ديمومة القطاع وسيؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي وضرب السلم الاجتماعي.

وتقدموا بعدد من المقترحات والتوصيات للنهوض بالقطاع وتجاوز الأزمات المستقبلية تتمثل خاصة  في العمل على إعادة هيكلة الديوان الوطني للزيت على أسس علمية ورصد الإمكانيات المادية واللوجستية والبشرية اللازمة من أجل تفعيل دوره المحوري سواء في تعديل السوق الداخلية  أو في المساهمة في المجهود الوطني للتصدير عبر مؤسسة تصدير الزيت التابعة للديوان.

كما اقترحوا وضع رؤية استشرافية لأزمة وفرة الإنتاج من حيث التخزين والتثمين والترويج والإعداد الجيد لإنجاح المواسم القادمة خاصة وأنّ هذه السنة تنبئ بصابة قياسية، الى جانب بلورة استراتيجية واضحة للنهوض بالقطاع ترتكز على تثمين زيت الزيتون التونسي من حيث التعليب ومن حيث ضمان الجودة واستغلال المنحى البيولوجي لهذا المنتوج وتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية للولوج إلى أسواق جديدة وواعدة على غرار السوق الإفريقية والسوق الآسيوية.

وشملت التوصيات كذلك تشجيع الاستهلاك المحلي من زيت الزيتون من خلال إطلاق الومضات الإشهارية وتكثيف الحملات التحسيسية بالقيمة الغذائية لهذا المنتوج، مع التخلي عن استيراد الزيت النباتي وتعويضه بزيت الزيتون ودعمه وتحفيز النزل والمطاعم لاستعمال زيت الزيتون في إعداد الأطباق، إضافة الى وضع خارطة فلاحية تتلاءم مع التغيرات المناخية ومع متطلبات السوق الوطنية والخارجية، مع الحث على تكثيف حملات المداواة عبر الرش بالطائرات لمعالجة الأمراض المتفشية في غابات الزيتون.  

وفي تفاعله مع استفسارات النواب، أكد وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أنّ الاجراءات التي تم اتخاذها لتجاوز الأزمة مكنت من ارتفاع أسعار زيت الزيتون  إلى حدود 12.5 دينار للتر الواحد بعد أن كانت 9 دينار. كما أوضح أن  الوزارة تعمل على وضع إستراتجية  لتشجيع الاستهلاك الوطني والتعريف بالمنتوج الوطني في الأسواق الخارجية من خلال العمل على تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية.  

وأفاد ممثلوا الوزارة من جهتهم أن الديوان الوطني للزيت وفي اطار دوره لتعديل السوق تدخل لشراء 3000 طن من مختلف الجهات، كما ساهم في المجهود الوطني للتصدير عبر تصدير 700 طن عن طريق شركة التصدير التابعة للديوان .وأكدوا أن الديوان سيقوم في المدة القادمة بشراء كميات هامة من زيت الزيتون.

وأشاروا إلى ضرورة العمل التشاركي لنشر ثقافة خزن الفلاح لإنتاجه من الزيت على غرار ما يتم انتهاجه في بقية الدول المنافسة مع توفير الامكانيات اللازمة لانجاح هذا التوجه.

وخصصت اللجنة جلستها المسائية لمناقشة الإشكاليات التي تهدد الصحة الحيوانية، وتفشي الأوبئة، حيث ثمن الوزير التفاف كل إطارات الوزارة وخاصة الأطباء البياطرة لمكافحة تفشي الأمراض المستجدة بالشراكة مع الأطباء البياطرة الخواص.

وقدم ممثل الوزارة عرضا عن تقدّم إنجاز حملة التلقيح ضد مرض التهاب الجلد العقدي المعدي لدى الأبقار، موضحا الحالة الوبائية في تونس والاجراءات التي تمّ اتخاذها والتي مكنت من تطويق بؤر هذا المرض والقضاء عليها بمشاركة كل الأطراف المتدخلة وذلك عبر الاجراءات الاستباقية مثل الحملات التحسيسية والتلاقيح والتحاليل.

وأوضح أن مرض الحمى القلاعية، لا يمثل خطورة في ظل المواظبة على عمليات التلقيح التي تتمّ بصفة دورية كل سنة على مستوى القطيع، وأضاف أنّ الجهود متواصلة لمقاومة داء الكلب بالتنسيق مع مختلف الأطراف المتدخلة.    

وخلال النقاش، أشار النواب إلى الوضع الدقيق الذي يشهده قطاع الصحة الحيوانية نتيجة نقص وتأخر التلاقيح خلال السنوات الفارطة بسبب عدم التوصل إلى اتفاق مع عمادة الأطباء البياطرة مما أدى إلى ضعف مناعة القطيع خاصة بالنسبة إلى الحمى القلاعية.  

كما أكدوا تأخر اتخاذ الاجراءات الضرورية لمكافحة داء الكلب، واستوضحوا عن برنامج الوزارة المستقبلي لمقاومة هذه الأوبئة، وأوصوا بالعمل على تحديث وإعادة ضبط الاحصائيات حول القطيع وترقيم مختلف مكوناته مع توفير الإمكانيات لإدارة الصحة الحيوانية لإنجاح التدخلات والحملات الوقائية.  

واستفسروا عن رؤية الوزارة للمحافظة على السلالات المحلية وتطويرها نظرا لقدرتها على مقاومة الأمراض.

كما أكدوا ضرورة تظافر الجهود والتعاون بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية لإيجاد حلول تشاركية للاشكاليات التي يعيشها القطاع وخاصة عبر وضع التشريعات اللازمة لحماية هذه الثروة الحيوانية.  

وفي ردّه، أكد الوزير أنّ هذه الأمراض مستجدة وناتجة عن التغيرات المناخية وهي عابرة للحدود وتتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة مثل نفوق الحيوانات ونقص الإنتاج مما يتطلب تكاتف جهود كل الأطراف المتدخلة لمقاومة هذه المعضلة التي أصبحت تهدد أمن تونس الغذائي.

وأفاد ممثلوا الوزارة بأنه تم اتخاذ الاجراءات اللازمة منذ ظهور هذه الأمراض  في تونس خاصة بالنسبة لمرض الجلد العقدي حيث تم اتخاذ اجراءات استعجالية منها إحداث خلية أزمة برئاسة وزير الفلاحة ووضع خطة تشاركية للتدخل العاجل لمنع انتشار المرض وإعلان الانطلاق في تنفيذ حملة تلقيح استعجالية شاملة وإجبارية مع تشريك جميع الأطراف المتدخلة، مثمّنين في هذا الاطار الانخراط التطوعي للأطباء البياطرة الخواص ومساهمة الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري ومساندة الهياكل الفلاحية مثل الشركات التعاونية والأهلية والسلط الجهوية والمحلية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام.

وأكدوا أنّ هذه الاجراءات مكنت من السيطرة على المرض حيث بلغت نسبة التغطية الصحية 90%.

وأضافوا أنّه تمّ القيام بنفس الحملة ضد داء الكلب من خلال رصد جميع الإمكانيات بمشاركة عدة أطراف والقيام بحوالي 730 ألف تلقيح في سنة واحدة، مشيرين إلى أنّ الإشكال يكمن في الكلاب السائبة مما يتطلب  تظافر مختلف الجهود للحد من هذه الظاهرة.

وبالنسبة إلى مرض الحمى القلاعية، بيّنوا أنه تمّ تسجيل بين 35 و 40 حالة مرض على مستوى القطيع دون تسجيل نفوق أبقار وأنّ حملات التلقيح مكنت من تلقيح أكثر من 70% من القطيع.

وعن المحافظة على السلالات المحلية، أكدوا أنّ الوزارة تعمل على تطوير هذه السلالات وتسويق منتجاتها مثل حليب الإبل.

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى