نظم مجلس نواب الشعب بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة يومي الجمعة 12 والسبت 13 جويلية 2024 بمدينة طبرقة ورشة عمل بعنوان"عطلة الابوة:الاثار الاجتماعية والاقتصادية وحالة التقدم في المنطقة"، شارك فيها نائبا رئيس مجلس النواب السيدة سوسن المبروك والسيد الانور المرزوقي، وعدد من النواب من مختلف الكتل واللجان. وحاضر خلالها خبراء وباحثون دوليون على غرار السيدة
وتتنزل هذه الورشة في إطار تعميق البحث والحوار حول مقترح القانون عدد 13/2024 المتعلق بتنظيم عطل الأمومة والابوة والوالدية الذي تقدمت به مجموعة من النواب.
وأكد السيد الأنور المرزوقي نائب رئيس مجلس نواب الشعب في كلمة ألقاها في افتتاح الأشغال أهمية هذه الورشة التي تعدّ مناسبة لتبادل الأفكار والخبرات حول أحد المواضيع الهامة التي تمس حياة الأسرة التونسية بشكل مباشر بما يترجم الالتزام الراسخ بتعزيز السياسات الاجتماعية ودعم توازن الحياة الأسرية.
وبين أن موضوع عطلة الأبوة يتعدى ان يكون مجرد مسألة اجتماعية، ليكون عنصرا أساسيا في بناء مجتمع متوازن وعادل، وذلك لاسهامه في تحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز دور الأب في تربية الأطفال ورعاية الأسرة. وأضاف أن توفير عطلة أبوة مناسبة يعزز من الترابط الأسري، ويُمكّن الآباء من المشاركة الفعالة في حياة أطفالهم منذ اللحظات الأولى.
كما أكد أن هذه الورشة تتنزل في سياق جهود مجلس نواب الشعب المستمرة لتعزيز المساواة بين الجنسين وتطوير السياسات التي تدعم التوازن بين الحياة المهنية والحياة الأسرية. وبين أن عطلة الأبوة تُعتبر خطوة هامة نحو تحقيق توزيع أكثر عدالة للمسؤوليات الأسرية بين الجنسين، بما يساهم في تعزيز مشاركة المرأة في سوق الشغل وتحقيق التنمية .
وذكّر نائب رئيس مجلس نواب الشعب بالتشريعات التي تنظم عطلة الأمومة والتي تهدف إلى حماية حقوق الأمهات العاملات وضمان سلامتهن وصحتهن أثناء فترة الحمل وبعد الولادة. وأشار في هذا الصدد الى مجلة الشغل التي تنص على أنه يحق للعاملات الحصول على عطلة أمومة مدتها 30 يومًا متتالية مع إمكانية تمديدها بمدة إضافية في حالة الولادة الصعبة أو التوأم. كما بين ان قانون الوظيفة العمومية ينص على منح الموظفات العموميات عطلة أمومة لمدة 60 يومًا مع راتب كامل، ويمكن أيضًا تمديد هذه العطلة في حالة الظروف الصحية الخاصة.
وشدد في هذا السياق على ان المنظومة القانونية في تونس تترجم التقدم الملحوظ في مجال حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، مبينا ان بلادنا تعد من الدول الرائدة في المنطقة فيما يتعلق بتطوير سياسات دعم الأسرة وتعزيز المساواة بين الجنسين.
وتطرق السيد الأنور المرزوقي الى التصنيف الذي تحتله تونس في تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لسنة 2023، مشيرا الى أنه يُظهر بوضوح الحاجة الماسة إلى مزيد من العمل، خاصة في المجال الاقتصادي. بما يؤكد ان تبني سياسات مثل عطلة الأبوة وأوقات العمل المرنة يُمكن أن يلعب دورًا جوهريًا في تقليص الفجوة الاقتصادية بين الجنسين.
ثم استعرض خصوصيات مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة مبينا انه ينصّ على تمديد عطلة الأمومة إلى 16 أسبوعا في القطاعين العام والخاص، مقابل ما يقارب 8 أسابيع في القطاع العمومي وشهر واحد في القطاع الخاص حاليا. ويمنح نفس النص القانوني عطلة أبوة مدتها 3 أيام، مقابل يومين فحسب حاليا. كما يمكن لأحد الوالدين سواء الأب أو الأم أن يتمتع بعطلة والدية اختيارية بنصف الأجر في القطاع العمومي وثلث الأجر بالقطاع الخاص تصل إلى 16 أسبوعا.
واضاف أن مشروع القانون ينص أيضا على الترفيع في حق التمتع بـساعة الرضاعة إلى 12 شهرا في القطاعين العمومي والخاص، مقابل 9 أشهر حاليا في القطاع العام و6 أشهر في القطاع الخاص.
واكد ان صياغة هذا المشروع تهدف إلى ملاءمة القانون مع المعايير الدولية وبالخصوص منها "اتفاقية 183" لمنظمة العمل الدولية الخاصة بحماية الأمومة، وذلك تطبيقا لما جاء في الدستور التونسي الذي ينص على احترام حقوق الانسان وفقا للمعايير الدولية.
وبين نائب رئيس مجلس نواب الشعب في ختام كلمته ان التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة يبرز مدى الالتزام بالمعايير الدولية والممارسات الفضلى في مجال حقوق الإنسان وتمكين المرأة، الى جانب التطلع إلى الاستفادة من خبرات المنظمة وتجارب الدول الأخرى في هذا المجال، بهدف تطوير السياسات الوطنية بما يحقق الأهداف المنشودة.
وفي كلمتها الافتتاحية أكدت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس وليبيا أهمية هذه الورشة من حيث دعم المعارف والمعطيات بخصوص محور موضوع عطل الوالدية والأمومة. واستعرضت مجموعة من التجارب المقارنة خاصة في المنطقة الأوربية ومنطقة الشرق الاوسط مبرزة نقاط قوتها وهناتها للاستئناس بها في تجويد فصول القانون المقترح.
كما تم استعراض نتائج دراسة قامت بها منظمة الأمم المتحدة للمرأة حول معارف ومواقف الفاعلين المؤسسيين تجاه عطلة الأبوة في المنطقة، والتي تم نشرها في تونس سنة 2023 حيث تؤكد أن 68.6% من الدول ترغب في الحصول على عطلة الوالدية خالصة الأجر عند ميلاد طفل، ويرغب نصف المستجوبين في الحصول على إجازة والدية تمتد لثلاثة اسابيع وأكثر خالصة الاجر.
ثم قدمت الأستاذة رضوى طارق المحلل لبرنامج المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية مداخلة بعنوان"المعارف والمواقف للمؤسسات تجاه العطلة الوالدية ودور الآباء في رعاية الاطفال في الشرق الأوسط وشمال افريقيا " . واستخلصت ان 72.3% من الذكور و74.2% من الإناث أكدوا أهمية حصول الأب على عطلة عند ولادة طفل بالإضافة إلى الاجماع تقريبا على أهمية قضاء الآباء لوقت كاف مع الرضع والاطفال.
من جهته أكد المنسق الإقليمي لمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالدول العربية أهمية تطوير وتعزيز دور الرجل في الرعاية الأسرية من حيث الوعي المجتمعي وكذلك على صعيد التشريعات.كما استعرض مجموعة من التجارب المقارنة التي نجحت في تعزيز دور الاب في دعم الأسرة.
من جهتها قدمت السيدة بثينة الهمامي المنسقة العامة لمكتب تونس لهيئة المرأة العربية دراسة حول العلاقة السببية بين ضعف مشاركة الآباء في الأعمال المنزلية والعناية الأسرية بما يعكس عدم المساواة بين الجنسين في هذا المستوى وذلك من خلال بحث ميداني شامل أجرته الهيئة.
ثم دار نقاش ثري استفسر خلاله النواب عن العديد من التفاصيل التقنية بالنسبة للتجارب المقارنة، ومدى قابلية الاستئناس بها في سَنّ القانون المعروض . كما تم لفت النظر إلى نقاط لم يتم التعرض لها على غرار الصيغة القانونية لإجازة الأب خالصة الأجر في حالة وفاة الأم. وشدد المتدخلون على ضرورة تنظيم عطل الوالدية للاب والام في حالة الوضعيات المهنية الهشة مع التشديد والإجماع على توحيد هذه العطل الوالدية سواء في القطاع العام او القطاع الخاص.
وأكد المتدخلون اهمية اعتماد مقاربة شاملة لاعتماد عطلة الأبوة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية ولا سيما النفسية من حيث استقرار الأسرة، و كذلك التربوية لإنشاء أسرة متوازنة ومتماسكة.
وفي جانب آخر من اشغال هذه الورشة قدم النائب يوسف طرشون عرضا ضافيا عن مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد، مؤكدا أن التشريع هو قاطرة تغيير ثقافة الشعوب وأن البرلمان راهن على بناء ثقافة تشريعية منفتحة على التجارب المقارنة. وأبرز دور الأب في فترة ما قبل الولادة، مبرزا أهمية عطل الأمومة والابوة من حيث تواجد الوالدين والإحاطة بالأطفال بما يسهم في بناء شخصية متوازنة للطفل.
ومثلت هذه الورشة منصة مثمرة للنقاش وتبادل الأفكار، بما يسهم في بلورة رؤى وتوصيات عملية تعزز مكانة تونس في مجال دعم الأسرة والمساواة بين الجنسين، فضلا عن تقديم توصيات عملية وقابلة للتطبيق، تعزز دور الآباء في الرعاية الأسرية، وتَدعم التوازن بين الحياة المهنية والعائلية في تونس.