عقدت لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية جلسة يوم الخميس 15 فيفري 2024 خصّصتها للاستماع إلى ممثلين عن كل من عمادة المهندسين التونسيين وهيئة المهندسين المعماريين بالبلاد التونسية حول مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط.
وفي بداية الجلسة، قدّم ممثلو عمادة المهندسين التونسيين وهيئة المهندسين المعماريين ملاحظات عامة حول مشروع هذا القانون. و أكدوا أهميته باعتباره يهدف إلى ضمان سلامة المواطن من جهة والمحافظة على القيمة المعمارية والجمالية والقيمة التاريخية لعدد هام من البنايات المتداعية للسقوط باعتبارها تمثّل الذاكرة الوطنية من جهة أخرى. كما أكدوا أهمية أن تتمّ عملية التشخيص من قبل جهات ذات خبرة تقنية في هذا المجال على غرار المهندسين المعمارين وهذا من شأنه أن يحدّ من خسارة عقارات ذات قيمة معمارية وتندرج ضمن التراث المعماري والفني التونسي من خلال التركيز على إعطاء الأولوية لكل ما يمكن القيام به من عمليات ترميم ومحاولة تجنّب التسرّع في اتخاذ قرارات الهدم إلاّ في الحالات القصوى بعد استيفاء كل البدائل الممكنة.
وأوضحوا أنّه رغم أخذ جهة المبادرة بعين الاعتبار العديد من الملاحظات والمقترحات التي تقدموا بها خلال المراحل الأولى التي تم تشريكهم فيها لإعداد مشروع هذا القانون، فإنه لا تزال هناك بعض النقائص التي يجب العمل على تداركها من خلال مراجعة بعض الفصول وتعديلها.
وأكد عميد المهندسين التونسيين ضرورة التناسق والانسجام بين مقتضيات مشروع هذا القانون وجملة النصوص القانونية الأخرى ذات العلاقة الجاري بها العمل حاليا على غرار مجلة التهيئة الترابية والتعمير ومجلة حماية التراث وذلك لتبسيط الإجراءات وضمان النجاعة والفاعلية في تطبيق مشروع هذا القانون.
ودار نقاش أكد خلاله النواب ضرورة تناول مشروع هذا القانون وفق رؤية استراتيجية حتى تكون أحكامه ذات بُعد استراتيجي تجنب المجموعة الوطنية توخي الحلول الظرفية التي قد تؤدي إلى إهدار المال العام دون التوصل إلى حل المشاكل بصفة جذرية والتأسيس على قواعد سليمة ومتينة للمستقبل. كما أكدوا ضرورة أن تكون مقتضيات هذا المشروع ذات صبغة استباقية ووقائية وعلى أهمية القيام بعمليات الصيانة والمتابعة للحد من تزايد عدد البنايات المتداعية للسقوط ومن تبعات ذلك على عديد المستويات.
كما أبرزوا الدور الهام الموكول للمهندسين للمساهمة في الحد من ارتفاع عدد البنايات العشوائية وفي إعداد أمثلة تهيئة عمرانية مواكبة لآخر التطوّرات في تشييد المدن وتمكّن من الاقتصاد في الطاقة والمحافظة على البيئة مع احترام خصوصية الطابع المعماري الفني التونسي.
وقد تقدم ممثلو الهيئة والعمادة بجملة من الملاحظات والمقترحات التعديلية حول عدد من فصول مشروع هذا القانون، حيث أكد ممثلو هيئة المهندسين المعمارين ضرورة إضافة تعريف دقيق لبعض المصطلحات الواردة بمشروع هذا القانون تلافيا لفتح باب التأويلات الخاطئة، على غرار عبارات "الترميم الخفيف" و"التجديد العمراني" و"الاستصلاح والتهذيب العمراني" و"المالك".
كما نبّه ممثلو هيئة المهندسين المعماريين وعمادة المهندسين التونسيين إلى أن أعوان المصالح الفنية للبلديات ليست لديهم الكفاءة والخبرة الكافية للقيام بمفردهم بالمعاينة الميدانية لتشخيص حالة البنايات. واقترحوا بناء على ذلك أن تتولى القيام بهذه العملية لجنة فنية تشرف عليها المصالح الجهوية التابعة للوزارة المكلفة بالإسكان تتركب من الأعوان المحلفين التابعين للمصالح الفنية للبلدية التي توجد بدائرتها الترابية البناية المتداعية للسقوط والأعوان المحلفين التابعين للمصالح الفنية الجهوية للوزارة المكلفة بالإسكان والمصالح الفنية التابعة للوزارة المكلفة بالتراث ومهندسين معماريين يمثلون هيئة المهندسين المعماريين بالبلاد التونسية، باعتبار أهمية دور المهندسين المعماريين في تثمين البعد المعماري والتاريخي للبناية. كما لاحظوا أنّ الأجل الأقصى للقيام بالمعاينة المحدد بـــــــ 7 أيام من تاريخ الإشعار يُعتبر أجلا غير كاف واقترحوا التمديد فيه ليصبح 15 يوما.
واعتبروا من جهة أخرى أنّه يتعين على المالك أو المالكين، تكليف مكتب دراسات معمارية يتولى إعداد الملف الفني لرخصة الترميم الثقيل ومتابعة إنجاز الأشغال حسب المواصفات الفنية المعتمدة، مؤكدين على أنّه يحجر على الخبيرين المأذون لهما قضائيا بعملية المعاينة والتشخيص إنجاز تلك الأشغال وذلك لتوفير أكثر ما يمكن من عوامل النزاهة والنجاعة.
وفي سياق آخر، وتجنّبا لممارسات المضاربة العقارية التي لُوحظت على أرض الواقع وحفاظا على البنايات ذات القيمة المالية الكبيرة والرمزية التاريخية المعتبرة، يرى ممثلو الهيئة أنه لا بد من استبدال مبلغ الخطية المسلّط على كل مالك أو متسوغ أو شاغل يتعمد الإضرار بالبناية التي يملكها أو يشغلها لتصبح متداعية للسقوط، أو هدم البناية التي يملكها أو يشغلها بعد معاينتها من قبل اللجنة الفنية، وذلك لكي تكون هذه الخطايا ردعية وتحدّ قدر الإمكان سواء من التقاعس في القيام بالإشعار أو من عدم الامتثال لقرارات الإخلاء والقيام بعمليات الترميم أو الهدم عند اللزوم.
كما تقدم ممثلو هيئة المهندسين المعماريين وعمادة المهندسين التونسيين بملاحظات ومقترحات حول عدد من الفصول الأخرى ، وعبّروا بالمناسبة عن استعدادهم التام للتنسيق مع اللجنة والتعاون معها وفق رؤية تشاركية في كل ما يتعلق بمجالات اختصاصهم سواء حول مشروع هذا القانون أو غيره من المواضيع الأخرى.
وفي ختام جلستها، قررت اللجنة مواصلة النظر في مشروع هذا القانون.