وحضر الجلسة رئيس اللجنة السيد عبد الجليل الهاني ونائب الرئيس السيد عصام شوشان والمقرر السيد محمد بن حسين وأعضاء اللجنة السيدة زينة جيب الله والسادة عادل بوسليمي وماهر الكتاري وزياد الماهر وظافر الصغيري ومصطفى بوبكري ومحمد أمين الورغي وعماد الدين السديري ومعز بن يوسف ومسعود قريرة وإبراهيم حسين، إلى جانب عدد من النواب من غير أعضاء اللجنة.
وتداولت اللجنتان حول الفصول 13 و30 و45 و48 التي تمّ إرجاء النظر فيها في الجلسات المشتركة السابقة لأنها كانت موضوع مقترحات تعديل أو لطلب مزيد من التوضيحات.
وتمّ النظر في البداية في الفصل 13المتعلق بالتشجيع على انتداب حاملي شهادات التعليم العالي في القطاع الخاص من خلال اقتراح تكفل الدولة بمساهمة الأعراف في أنظمة الضمان الاجتماعي والذي تم إرجاء التصويت عليه إلى حين النظر في إمكانية إضافة أصحاب شهادات التكوين المهني لمزيد دفع التشغيل وتشجيع مؤسسات القطاع الخاص على انتدابهم.
وبيّنت الوزيرة أن الهدف من الإجراء هو التشجيع على انتداب حاملي الشهائد العليا، موضحة أن عملية الاستقصاء الداخلي بينت أن هذه الفئة من أكبر الشرائح التي تشملها البطالة ولهم قابلية للتشغيل في القطاع الخاص في مجالات الهندسة وتكنولوجيات الاتصال خاصة. وأضافت أن خرّيجي التكوين المهني يخضعون إلى تأطير خاص ولديهم آليات إدماج وتشغيل خصوصية، مشيرة إلى أن الطاقة التشغيلية لقطاع التكوين المهني تتجاوز 50%، وأنّ نسبة تشغيلهم تختلف من قطاع إلى آخر، وذلك حسب التخصصات وحاجيات سوق الشغل. كما أوضحت أن هناك اختصاصات طاقتها التشغيلية ضعيفة لكن بنسب محدودة، وهو ما يبرّر عدم إدراج هذه الفئة بالفصل المقترح.
وخلال النقاش استفسر النواب عن التأثير المالي لهذا الإجراء في صورة سحبه ليشمل خرّيجي قطاع التكوين المهني . وطلبوا في هذا الإطار مدّهم بدراسة حول العدد المحتمل من المنتفعين. من جهة أخرى ثمّن عدد من النواب هذا الاجراء موضحين انّه سيمكّن من امتصاص البطالة والحدّ من تهرّب المؤجرين من القيام بالتصاريح وطالبوا في هذ الاطار بإيجاد الآليات التشريعية والترتيبية لضمان تناغم المنظومة القانونية لقطاع التشغيل خاصة في علاقة بالقانون المتعلّق بمنع المناولة والتشغيل الهشّ.
وفي نفس السياق اعتبر بعض النواب أنّ الإجراء يفتقر للبعد الاجتماعي باعتباره امتيازا ممنوحا للأعراف الذين سيتمّ اعفائهم من خلاص المساهمات بعنوان الانتدابات المزمع تحقيقها، الى جانب الأعباء المالية الإضافية التي تتحمّلها ميزانية الدولة. وأكّدوا ضعف نجاعة هذه الإجراءات بالقياس مع الإجراءات التي تمّ اتخاذها في السابق وساهمت في تعميق التشغيل الهشّ على غرار عقد الكرامة.
وأكّد نواب آخرون ضرورة العمل في إطار استراتيجية متكاملة على تغيير مناهج التعليم العالي وتوجهها الى اختصاصات مناسبة لسوق الشغل. واقترح عدد من النواب تكفّل الدولة بالمساهمات بنسبة 100 بالمئة لمدة ثلاث سنوات لتثمين البعد التحفيزي للإجراء بما يضمن التعاطي الإيجابي لمؤسسات القطاع الخاص، بينما رأى نواب آخرون أن اعتماد المنحى التصاعدي في تكفّل الدولة بهذه المساهمات لإضفاء النجاعة والتوقي من الانحراف بأهدافه. واقترحوا من جهة أخرى ضرورة تسقيف مدة تنفيذ هذا الإجراء لضمان ديمومة واستمرارية مواطن الشغل.
وفي تفاعلها مع ملاحظات واستفسارات النواب، أكّدت وزيرة المالية انّ الاعتمادات المتعلّقة بتحمّل الدّولة لمساهمات الأعراف مرصودة بميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية، موضحة انّ العدد المحتمل للمنتفعين بهذا الاجراء لا يمكن تحديده بصفة مسبقة باعتباره يخضع لمدى إيجابية تعاطي مؤسسات القطاع الخاص معه . كما اكّدت ضرورة التمييز بين الامتيازات الجبائية الممنوحة والمساهمات التي تتكفّل بها الدولة. وبيّنت أنّ الهدف والرهان الأساسي هو الحدّ من بطالة حاملي الشهائد العليا. كما أشارت إلى أنّ هذه الإجراءات التحفيزية للقطاع الخاص يتمّ اعتمادها في عديد التجارب المقارنة .
وفي سياق متصّل اكّدت أنّ اعتماد منحى تنازلي في تكفّل الدولة بالمساهمات يكتسي النجاعة المطلوبة باعتباره يمكّن من ضمان استمرارية الانتدابات المحدثة. وأفادت في هذا السياق انّه لا يوجد تعارض بين الإجراء المقترح والقانون المتعلّق بمنع المناولة.
وتمّت الموافقة على هذا الفصل من طرف أعضاء لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين.
وخلال مناقشة الفصل 30 المتعلّق بتعليب زيت الزيتون، بيّنت الوزيرة أنّ هذا الاجراء يهدف الى تشجيع هذا النشاط ودعم تنافسيته في الأسواق الخارجية من خلال اقتراح التخفيض من كلفة مدخلاته بمنح المؤسسات الناشطة في هذا القطاع الاعفاء من المعاليم الديوانية وتوقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة بعنوان مدخلات تعليب زيت الزيتون. وبخصوص مقترح التعديل الذي تقدّم به أحد النواب والمتعلّق بإضافة فقرة في اخر الفصل تنصّ على أنه "للانتفاع بالامتياز المذكور يتعيّن على المنتفع الحصول على برنامج سنوي مؤشّر عليه من قبل المصالح المختصّة من الوزارة المكلّفة بالصناعة"، بيّنت أنّ النية كان تتجه نحو إصدار قرار مشترك بين وزارتي الصناعة والمناجم والطاقة والمالية بعد دخول القانون حيز النفاذ.
ومن جهتهم بين النواب أنّ هذا التعديل سيمكّن من الانتفاع بهذه الامتيازات خاصة منها المتعلّقة بالإعفاء من المعاليم الديوانية ويضمن السرعة في التطبيق.
وتمت الموافقة على الفصل 30 معدّلا من طرف أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلسين.
واستأثر الفصل 45 المتعلق بالتخفيف في كلفة المشاريع العمومية الممولة بقروض خارجية موظّفة بنقاش مستفيض. وبينت وزيرة المالية أنه نظرا للأهمية التي تكتسيها المشاريع العمومية ودورها في دفع التنمية، تم اقتراح منحها توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة بعنوان الأملاك والبضائع والأشغال والخدمات الموردة والمقتناة محليا، و المموّلة بقروض خارجية موظفة مسندة لفائدة الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية وذلك في حدود مبلغ القرض المسند. وأوضحت بخصوص الإقتناءات المحلّية الممولة بالقرض أنّ تجسيم الامتياز يستوجب الحصول بصفة مسبقة على شهادة في توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة تُسلّم من قبل المصلحة الجبائية المختصة لفائدة المستفيد النهائي أو الهيكل المتصرف في القرض.
واقترح النواب تضمين الفصل الإعفاء من المعاليم الديوانية المستوجبة بعنوان التوريد بهدف تيسير اقتناءات المواد والتجهيزات للتسريع في وتيرة تنفيذ المشاريع العمومية. كما اقترح نواب آخرون سحب الامتياز ليشمل مجامع الصيانة والتصرّف في المناطق الصناعية باعتبار دورها في معاضدة مجهود الدولة في تحقيق التنمية وتحسين البنية التحتية والبيئية.
وتمّ قبول المقترحين وتقديم صياغة جديدة للفصل حظيت بموافقة أعضاء لجنتي المالية.
وبخصوص الفصل 48 المتعلّق بتخفيف جباية المدخلات الضرورية لتصنيع بطاريات الليثيوم و التي يقترح إعفاؤها من المعاليم الديوانية ومن تخفيض نسبة الأداء على القيمة المضافة من 19% إلى 7 % ، تفاعلت الوزيرة مع المقترح الذي تقدم به أحد النواب والمتعلق بإضافة جميع المدخلات الضرورية لتصنيع بطاريات الليثيوم وذلك بعد التنسيق مع وزارة الصناعة . وتم قبول المقترح معدلا من طرف أعضاء لجنتي المالية.
وحول الفصل 53 المتعلق بتسوية وضعية المنقولات المحجوزة لدى مصالح الديوانة بيّنت الوزيرة أنه يهدف إلى تيسير تسوية وضعية البضائع المحجوزة لدى المصالح الديوانية منذ أكثر من خمس سنوات والحدّ من تراكمها و تمكين أصحابها من استرجاعها وذلك بدفع 20% من قيمتها في تاريخ الحجز شريطة تقديم مطلب في الغرض مرفقا بما يفيد الثمن في تاريخ الحجز لدى مصالح الإدارة العامة للديوانة في أجل أقصاه موفّى شهر جوان 2026. وأكّدت أنه بفوات الأجل المذكور دون تقديم المعني بالأمر مطلبا في التسوية أو في صورة تقديم مطلب دون إتمام إجراءات التسوية في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ تقديمه، يعتبر متخلّيا عن حق استرجاع المنقول، ويتم تبعا لذلك بيعه طبقا لإجراءات تضبط بأمر.
وأكّدت وزيرة المالية ضرورة التمييز بين المحجوزات موضوع نزاعات قضائية، والمحجوزات موضوع تسوية، موضحة أنّ هذا الإجراء يهدف إلى تخفيف العبء على مستودعات الديوانة وتفادي مخاطر كبيرة مثل الحرائق والسرقة وغيرها بحكم عدم البت في المحجوز من المحاكم الذي يستغرق عدة سنوات. إضافة إلى المحافظة على قيمتها وكذلك توفير موارد إضافية للدولة.
وخلال النقاش استفسر النواب حول مبررات اقتراح مدة خمس سنوات، وطلبوا تحديدا دقيقا لعبارة "مودعة". واقترحوا النظر في إمكانية الترفيع في نسبة الخطية الموظفة بهدف تدعيم موارد الدولة. كما تطرقوا لإشكالية البضائع المورّدة والتي لم تتم في شأنها عمليات الخلاص أو البضائع ذات قيمة أقل من الخطايا الموظفة عليها .
وفي تفاعلها أوضحت الوزيرة أنّ مدة الخمس سنوات مدروسة، وذلك أخذا بعين الاعتبار للآجال التي يتطلّبها المسار الإجرائي والقضائي للمحجوزات. كما أكّدت أنّه تمّت مراعاة قيمة المحجوزات من ناحية والمدة المستوجبة لتقديم مطالب التسوية وسقف المدة الزمنية للانتفاع بها.
وتفاعلت الوزيرة إيجابيا مع مقترحات النواب بتغيير صيغة الفصل وتحديد المنقولات المعنية بالإجراء وتغيير التاريخ المتعلق بأجل الانتفاع بالتسوية.
ونظرت اللجنتان في الفصل 56 المتعلق بتوسيع مجال التعامل بالفاتورة الإلكترونية. وأفادت الوزيرة أنه طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل يكون استعمال الفوترة الإلكترونية وجوبيا بالنسبة إلى الشركات الراجعة بالنظر إلى إدارة المؤسسات الكبرى بعنوان العمليات المنجزة مع الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية، وكذلك بالنسبة إلى عمليات بيع الأدوية والمحروقات بين المهنيين باستثناء تجار التفصيل. وبهدف مواصلة التمشي الرامي إلى ضمان الرقابة على المعاملات وتعميم التعامل بالفاتورة الإلكترونية، تمّ توسيع مجال التعامل بالفاتورة الإلكترونية ليشمل مسدي الخدمات.
وتناول النقاش الإشكاليات التطبيقية المرتقبة لهذا الإجراء خاصة بالنسبة لمسدي الخدمات خاصة في الجهات الداخلية لعدم تمكّنهم من استعمال الآليات والتجهيزات المعدة للفوترة الإلكترونية. ودعا النواب إلى ضرورة توخي المرحلية والتدرج والقيام بالدراسات الضرورية بهدف اعتماد جدول زمني محدّد. فيما ثمّن عدد آخر من النواب هذا الإجراء، ودعوا إلى ضرورة تركيز بنية تحتية رقمية لضمان نجاعته ومردوديته إلى جانب القيام بحملات توعوية وتحسيسية.
وفي هذا السياق أوضحت وزيرة المالية أنّه بالنظر إلى تطور قطاع الخدمات وما يشكّله من صعوبة في تقييم حجم معاملاته المنجزة، ونظرا لمحدودية التصاريح بشأنها، تمّ إخضاعه إلى نظام الفوترة الإلكترونية لمزيد دعم المراقبة الجبائية وتحقيق الشفافية. وأضافت أنّه سيتم تعميم الإجراء على بقية القطاعات. وأكّدت أنّ وجود 310 ألف مسدي خدمات حتّم إدراج هذا الإجراء بمشروع قانون المالية، مبرزة أنّ انطلاق التجربة سيكون خلال سنة 2026 وسيتم تركيز البنية التحتية وتوفير الموارد البشرية الضرورية لتنفيذه.
ومن جانبهم أشار ممثّلو الوزارة إلى وجود إطار تشريعي سابق لهذا الإجراء متطور ويفرض إصدار الفاتورة الإلكترونية على المعاملات التجارية. وبهدف مواصلة التمشي الرامي إلى ضمان الرقابة على المعاملات وتعميم التعامل بالفاتورة الإلكترونية، تمّ توسيع مجال التعامل بالفاتورة الإلكترونية ليشمل مسدي الخدمات وهو إجراء سيمكّن من التحصيل الآلي للأداء على القيمة المضافة وهو ما سيدعم شفافية المراقبة الجبائية وسيعزّز الالتزام بواجب الأداء الضريبي والحدّ من التهرّب الجبائي. كما أكّدوا أن هناك التزام من الحكومة بتطبيق الفوترة الإلكترونية بصفة تدريجية في كل القطاعات لتحقيق الإدارة الرقمية والترابط البيني. وتمت الموافقة على الفصل.
وبخصوص الفصل 57 المتعلق بتيسير إسداء الخدمات الإدارية من خلال اقتراح إلغاء الفصل 45 من قانون المالية لسنة 2019 ، بيّنت الوزيرة أنه طبقا للتشريع الحالي يتم ربط إسداء الخدمات بالنسبة إلى العقود المتعلقة بالتفويت بمقابل في العقارات أو الأصول التجارية أو وسائل النقل بدفع ثمنها بغير طريقة الدفع نقدا ، باعتبار الإشكاليات التي نتجت عن تطبيق التشريع الحالي وصعوبة تسوية وضعية المعاملات عند الدفع نقدا وخاصة رفض إسداء الخدمة الذي أثّر سلبا على الأمن التعاقدي وعلى حق الأفراد في الحصول على خدمات المرفق العام،
كما بينت أنّه لضمان حسن تأمين تقديم الخدمات وتبسيطها من قبل الهياكل الإدارية وعدول الإشهاد بما لا يمس من حقوق الأفراد وتيسير قضاء الأشخاص لشؤونهم، يُقترح إلغاء تحجير إسداء الخدمات بعنوان عقود بيع العقارات ووسائل النقل والأصول التجارية التي يتمّ دفع ثمنها أو جزء منه نقدا.
وخلال النقاش عبّر عدد من النواب عن تخوّفهم من إلغاء الفصل 45 من قانون المالية بما يساهم في تفاقم حجم الاقتصاد الموازي، ودعوا إلى ضرورة تسقيف مبلغ المعاملات والتنصيص على العقوبات في صورة مخالفة أحكام الفصل. وأشاروا إلى إمكانية تأثير الفصل على التصنيف الدولي للمعاملات المالية لتونس.
وأوضح ممثلو وزارة المالية أنّ الفصل 57 سيعزّز المراقبة الجبائية ويضمن شفافية المعاملات المالية، بالإضافة إلى ضمان حق المواطن في التمتع بخدمات المرفق العمومي باعتباره حقا دستوريا وتحقيق استقرار المعاملات التعاقدية والعقارية.
وتمّت الموافقة على الفصل من طرف أعضاء لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين