ملخّص فعاليات الجلسة العامة ليوم الثلاثاء 29 جويلية 2025

عقد مجلس نواب الشعب اليوم الثلاثاء 29 جويلية 2025 جلسة عامة برئاسة السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب وبحضور السيدة أمينة الصرارفي وزيرة الشؤون الثقافية والوفد المرافق لها. وتضمّن جدول الاعمال توجيه 10 أسئلة شفاهية إلى وزيرة الشؤون الثقافية عملا بأحكام الفصل 114 من الدستور والفصل 130 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب.
واستهلّ رئيس مجلس نواب الشعب الجلسة العامة بكلمة اكّد فيها أنّ الثقافة تُعدّ عنصرا أساسيا في بناء الأفراد والمجتمعات، واعتبر أنّ كُلّ نقاش يرمي إلى تطارح الأفكار وبسط الإشكاليات الماثلة في علاقة بمختلف جوانب الشأن الثقافي، هو نقاش محمود يتمّ من خلاله ملامسة الواقع ومكامن النقص والوهن وتقديم المقترحات التي من شأنها تكثيف الجهود للمحافظة على تراثنا الضارب في التاريخ، والمساعدة على تجاوز الصعوبات القائمة ومجابهة التحديات الماثلة، ورسم التصورات القادرة على التصدي للاستيلاب الفكري ولكل أنواع التطرف، وتحقيق ما نصبو إليه جميعا من إشعاع لبلادنا وإحداث التغيير الذي يصنعُه الفكر التونسي المُستنير وتنحتُه الثقافة الوطنية الأصيلة التي يُنتظر أن تكون عنصرا فاعلا في معركة التحرير الوطني وفي مسار البناء والتشييد.
وفي بداية الجلسة توجّه النائب محمد علي فنيرة بسؤال شفاهي إلى وزيرة الشؤون الثقافية حول الوضع العام للثقافة بولاية نابل.
وفي تفاعلها مع سؤال النائب، أوضحت وزيرة الشؤون الثقافية أنّ الوزارة اعتمدت مقاربات جديدة تهدف إلى تطوير المشهد الثقافي بكامل ولايات الجمهورية، وذلك من خلال الدفع بالعمل الثقافي نحو الأفضل والارتقاء بمؤشرات التنمية الثقافية في الجهات.
وبيّنت الوزيرة أنه تم العمل على الترفيع في حجم الدعم العمومي لضمان ديمومة الأنشطة الثقافية، حتى تكون هذه الأنشطة أكثر قربًا من اهتمامات المواطنين الفكرية والاجتماعية والثقافية. وقد بلغ عدد الأنشطة الثقافية خلال السداسي الأول من سنة 2025 حوالي 968 نشاطًا، منها 35 نشاطًا موجّهًا للأطفال، و365 نشاطًا لفائدة الشباب، و68 نشاطًا لفائدة المرأة. وأشارت إلى أنّ عدد دور الثقافة في ولاية نابل يبلغ 12 دارًا، بعدد منخرطين يصل إلى 1016 منخرطًا.
كما استعرضت الوزيرة جملةً من المشاريع المبرمجة بجهة نابل، على غرار دار الثقافة بسليمان، ودار الثقافة ببوعرقوب، بالإضافة إلى دار الثقافة بدار شعبان الفهري، فضلاً عن مشاريع صيانة عدد من المكتبات العمومية.
وفيما يخص قطاع التراث، ذكرت الوزيرة أنه تم إنجاز عدة مشاريع بولاية نابل، من بينها هيكل الاستقبال بموقع كركوان، وموقع بوبوت بالحمامات، إلى جانب إعادة تهيئة شباك التذاكر بمتحف نابل وببرج الحمامات، فضلاً عن مشاريع أخرى جارية.
واعتبر النائب في تعقيبه أنّ الوضع الثقافي بجهة نابل لا يزال دون مستوى تطلعات المواطنين، مُشيرًا إلى أنّ مدينة قر مبالية لم تحتفل هذه السنة بمهرجان التجلّي الذي ينتظم بمناسبة شهر رمضان المعظم نظرا لغياب قاعة عروض لاستضافة التظاهرة. كما لفت النظر إلى غياب العناية الكافية من وزارة الشؤون الثقافية بالهيئات التنظيمية للمهرجانات، وهو ما أدّى إلى اضمحلال عدد كبير منها، مؤكدًا في هذا السياق أنّ المهرجانات تمسّ شرائح واسعة من المجتمع ولا يجب أن تظلّ حكرًا على الجهات المركزية.ودعا في ختام تعقيبه إلى تسوية الوضعية الإدارية للعاملين في قطاع التراث، وخاصة الحاصلين منهم على شهادة الدكتوراه.
ثمّ توجه النائب عزيز بالأخضر بسؤال حول مهرجان أوذنة.
وأوضحت الوزيرة أنّ السياسة الثقافية للوزارة تهدف إلى إبراز خصوصيات مختلف الجهات وتنمية المهرجانات ودعمها، حيث تمّ في سنة 2024 دعم أكثر من 300 مهرجان صيفي.
وبيّنت أنّ الدورة الحالية لمهرجان أُوذنة تتنزّل ضمن مسار حوكمة المهرجانات وإعادة تصنيفها، بما يضمن الارتقاء بمضامينها من خلال اعتماد مقاربة جديدة تراعي الخصوصيات التاريخية والحضارية والفنية لكلّ جهة، حتى لا تقتصر المهرجانات على الاستنساخ والتكرار.
وأضافت أنّ هذه المقاربة تسعى إلى تنويع المهرجانات، خاصة تلك التي تُقام في المواقع الأثرية، بما يعزز العلاقة مع الجمهور ويدعم الترويج السياحي لتسهيل متابعتها من قِبل الزوّار والسياح.
كما أشارت إلى أنّ مهرجان أُوذنة تمّ توجيهه ليكون فضاءً للتعريف بالتراث اللامادي التونسي ودعم الفن الشعبي، مع إتاحة الفرصة للفرق الأجنبية للمشاركة فيه، بما يجعله عنصرًا من عناصر الإستقطاب السياحي.
وبيّنت الوزيرة أنّ مهرجان أُوذنة يُعتبر حلقة ضمن منظومة مهرجانات مختصّة موزّعة على عديد الجهات، وتمّت برمجة 11 عرضًا خلال هذه الدورة، 9 منها تونسية تبرز قيمة التراث الفني الشعبي.
واختتمت بالتأكيد على أنّ وزارة الشؤون الثقافية تواصل جهودها لتطوير خريطة المهرجانات بما يضمن التنوع ويحافظ على القيمة الفنية والثقافية لها.
وفي تعقيبه أشار النائب إلى أنّ مهرجان أوذنة في دورته الحالية لم يلقَ إقبالًا جماهيريًا يُذكر، خاصة مقارنة بالدورة السابقة، رغم أنّه تمّ رصد اعتمادات أقل مما تم رصدها هذه السنة، وبيّن أنّ كلّ الجهة قاطعت المهرجان هذه السنة، معتبرًا أنّ السيادة تعود إلى الشعب الذي يجب أن تُطبّق خياراته وتُحترم انتظاراته.
وأضاف أنّه رغم الإعتزاز بالفن الشعبي وأهميته، إلا أنّ المطلوب هو تنظيم مهرجان يرتقي فعلاً إلى مستوى تطلعات وانتظارات الجمهور.وختم بالتأكيد على أنّ السياسة الثقافية المتبعة في الجهة لم تحقق النجاح المطلوب، داعيًا إلى التراجع عن هذا القرار وإعادة النظر فيه بما ينسجم مع إرادة الشعب.
وتوجّهت النائب ماجدة الورغي بسؤال إلى وزيرة الشؤون الثقافية حول مدى تقدم أشغال دار الثقافة بمنزل بورقيبة.
وفي تفاعلها مع سؤال النائب، أوضحت الوزيرة أنّ مشروع تهيئة دار الثقافة بمنزل بورقيبة يندرج ضمن صنف أ3، حيث يُعتبر والي بنزرت صاحب المنشأ والآمر الأول بالصرف، بينما تتولى الإدارة الجهوية للتجهيز ببنزرت صفة المنشأ المفوَّض، فتُكلّف بدراسة المشروع وتنفيذه لفائدة الولاية.
وبيّنت أنّ دور وزارة الشؤون الثقافية يقتصر على برمجة المشروع ورصد الاعتمادات الضرورية لإنجازه، والتي تبلغ كلفتها الجملية نحو 773 ألف دينار، مع تسجيل تقدّم في الأشغال بنسبة 98%. وقدمت لمحة عن مكوّنات المشروع.
وأشارت الوزيرة إلى أنّ تعطل الأشغال يعود إلى عدّة أسباب، أبرزها استبدال المهندس المستشار لقسم الكهرباء والحماية من الحرائق لأسباب صحية، إضافةً إلى ضعف التنسيق بين الشركة المقاولة والمهندس الجديد، فضلاً عن تعرّض المشروع لسرقة الأسلاك الكهربائية، وهو ما تطلّب تحيين دراسة قسط الكهرباء والحماية من الحرائق.
كما أكدت حرص الوزارة على تجاوز هذه العراقيل وتسريع استكمال الأشغال، موضّحةً أنه تمّ الاتفاق على فسخ الصفقة بعد رفع التحفظات، وذلك في إطار اجتماع اللجنة الوطنية لتسريع إنجاز المشاريع المعطّلة في ولاية بنزرت.
وختمت الوزيرة بالتأكيد على سعي الوزارة إلى تعزيز حضور الثقافة في الفضاء العام، من خلال تنفيذ برنامج وطني شامل لتجهيز وتهيئة دور الثقافة بمختلف الجهات، بنسب إنجاز تتراوح بين 37% و95%.
واعتبرت النائب ماجدة الورغي في تعقيبها أنّ الوضع الميداني يختلف تمامًا عمّا جاء في ردّ الوزارة، ودعت إلى القيام بزيارة ميدانية لمتابعة المشروع بشكل مباشر وتفعيل الدور الرقابي للتثبت من كيفية صرف الأموال.
كما طالبت بفتح بحث تحقيقي جدي للكشف عن ملابسات سرقة الأسلاك الكهربائية، مشيرة إلى أنّ والي بنزرت، خلال اشرافه على اجتماع جهوي حول مشروع تهيئة دار الثقافة بمنزل بورقيبة، شدّد على ضرورة إمضاء جميع الأطراف المعنية لفسخ الصفقة.
كما شدّدت على ضرورة معرفة مصير الأموال التي تمّت المصادقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب، محمّلة المسؤولية للوزارة في هذا الجانب، مشيرًة إلى وجود غموض يكتنف المشروع. وختمت بالدعوة إلى المحافظة على الطابع الهندسي والمعماري المميز لمدينة منزل بورقيبة، وتشجيع الشباب على الانخراط في الحياة الثقافية بالجهة.
من جهته، توجّه النائب النوري الجريدي بسؤال حول عدد من الملفات التي يشوبها فساد وتضارب مصالح محليا وجهويا ووطنيا.
وفي إجابتها، أوضحت وزيرة الشؤون الثقافية في تفاعلها أنّ مشروع إحداث المتحف الوطني لحضارات ما قبل التاريخ يعود إلى سنة 2016 باقتراح من والي الجهة، وقد حظي بموافقة المعهد الوطني للتراث الذي أسند في سنة 2018 قطعة أرض مساحتها 6 آلاف متر مربع لإقامة المشروع، قبل ورود مراسلة تقترح إنشاءه في بلدية القطار. وبيّنت أنّ لهذا المشروع بعدًا وطنيًا لما يضمه من قطع أثرية نادرة تم اكتشافها في حفريات أشرف عليها المعهد الوطني للتراث مؤخرًا. وبخصوص شبهات الفساد التي طالت مناظرة انتداب أساتذة سنة 2024، أكدت الوزيرة أنّ هذه المناظرات تُشرف عليها لجان مختصة ولم تُسجَّل أيّ تجاوزات أو شبهات فساد، مع ضمان حق المتناظرين في الاعتراض وفق الإجراءات القانونية. وفيما يتعلق بالدعم المخصّص للتظاهرات الثقافية، أوضحت أنّ مهرجان الفستق بالقطار يحظى بدعم مالي مباشر قدره 18 ألف دينار إضافةً إلى عروض موسيقية مدعومة، بينما حصل مهرجان المدينة في مارس 2025 على دعم بـ 5 آلاف دينار، فضلًا عن ملتقى الفنون والمهرجان الوطني للشعر الغنائي. كما سيتم إسناد منحة بـ 15 ألف دينار لجمعية المهرجان الصيفي بالسند، ودعم مهرجان المغاور الجبلية بمنحة قيمتها 25 ألف دينار.
وفي تعقيبه، شدّد النائب على تمسّك أهالي القطار بإحداث المتحف الوطني لحضارات ما قبل التاريخ في معتمدية القطار تحديدًا، داعيًا إلى صيانة دار الثقافة بالسند، ومشيرًا إلى تعطّل مشروع دار الثقافة بالقطار نتيجة تأخر تغيير صبغة الأرض، وهو ما اعتبره أمرًا غير مقبول نظرًا لانعكاسه على كلفة المشروع. كما أكّد أنّ الدول لا تتقدّم إلا بالفعل الثقافي الريادي والثوري، مُبرزًا أنّ وزارة الثقافة هي وزارة سيادية معنيّة بإرساء منوال فكري جديد يدعم ثقافة العمل ويقطع مع عقلية التواكل.
ثمّ تقدم النائب أحمد بنور بسؤال حول شبهات فساد صلب الوزارة وعن صندوق الدعم ومدى متابعة الوزارة للأعمال غير المنجزة ودعم المهرجانات وعقود اسداء الخدمات وتضارب المصالح لبعض اطارات الوزارة، كما تساءل عن ملف صفاقس عاصمة للثقافة العربية وملف المكتبة الرقمية.
وفي إجابتها أوضحت وزيرة الشؤون الثقافية أنّ الوزارة تعمل على متابعة إنجاز المشاريع الثقافية الممولة من صندوق التشجيع على الإبداع، مشيرةً إلى أنّه تم اتخاذ قرار باسترجاع منح الدعم في 98 ملفًا. وأضافت أنّ المنصة الرقمية للتصرف في المنح دخلت حيّز الاستغلال منذ جويلية 2024 بهدف تعزيز حوكمة إجراءات إسناد التمويل العمومي. وأكدت الوزيرة أنّ جميع الملفات التي أثبتت التحقيقات وجود تجاوزات فيها تمّت إحالتها إلى القضاء، مع حرص التفقدية العامة للوزارة على متابعة كل وضعيات تضارب المصالح دعمًا للشفافية. كما أوضحت أنّه تمّ توجيه إجابة كتابية إلى النائب بخصوص مشروع «صفاقس عاصمة للثقافة العربية».
وفي تعقيبه، دعا النائب الوزارة إلى مدّه بأرقام دقيقة ومُحيّنة، لاسيّما أنّ التقارير الرسمية للوزارة نفسها تُشير إلى وجود عدد من الملفات التي تحوم حولها شبهات فساد.
كما توجّهت النائب بثينة الغانمي بسؤال حول وضعية المعالم الاثرية والدينية بولاية باجة وخطة الوزارة لتعهد المعالم الدينية والاثرية وسبل تثمينها.
وفي إجابتها بيّنت الوزيرة ان وزارة الشؤون الثقافية تعمل على المحافظة على المعالم التراثية، في حين تُعهد صيانة المعالم الدينية إلى وزارة الشؤون الدينية. ويتمثل دور وزارة الشؤون الثقافية، من خلال المعهد الوطني للتراث، في الإشراف العلمي والفني على تهيئة وصيانة هذه المعالم والحفاظ عليها، بما في ذلك المعالم الدينية المرتّبة، ويسعى المعهد الوطني للتراث إلى تنفيذ برامج صيانة وترميم عديدة، من بينها تخصيص ميزانية قدرها 150 ألف دينار لمعهد القصبة، إلى جانب تكليف مكتب مراقبة لإعداد دراسة خاصة بقصر الرئيس وإعداد برنامج علمي لهذا المركز.
أما بخصوص المسلك السياحي بالمدينة العتيقة بباجة، فهو يُنجز في إطار برنامج التنمية المحلية، ويتولى المعهد الوطني للتراث المتابعة العلمية لهذا المشروع. كما يقوم المعهد بصيانة وترميم عدد كبير من المعالم في مختلف أنحاء الجهة. وفي مجال الحماية القانونية، تم إصدار 8 أوامر ترتيبية لصيانة المواقع والمعالم التاريخية بولاية باجة، ليصبح مجموع المعالم والمواقع المحمية والمرتبة بالجهة 125 معلماً وموقعاً.
وأوضحت ان وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية تسهم بدورها في تنفيذ مشاريع متعددة، من بينها إنارة موقع دقة، وتهيئة هياكل الاستقبال، إلى جانب تعهّد وصيانة الكنيسة بمدينة باجة، بما في ذلك صيانة واجهتها، مساهمةً في الحفاظ على القيمة التاريخية والمعمارية لهذه المعالم.
واعتبرت النائب في تعقيبها أنّ عدداً من الهيئات تبذل جهوداً مشتركة لصيانة الكنيسة بمدينة باجة، ودعت وزارة الشؤون الثقافية إلى تشديد الرقابة على هذه الجهود وتأطيرها، حتى لا يتم المساس بالطابع التاريخي والأثري لهذا المعلم. كما ذكّرت بأنّ رئيس الجمهورية شدّد على أهمية أن تتحوّل المهرجانات من مجرد فضاءات للترفيه إلى أدوات للتثقيف ونشر الوعي، مؤكدة أنّ تحقيق الثورة الثقافية المنشودة يتطلّب رؤية شاملة ومشروعاً وطنياً متكاملاً يثمّن الموروث الحضاري والثقافي للبلاد.
ثمّ توجّهت النائب بسمة الهمامي بسؤال حول توفير مسرح قابل للطي في ولاية سليانة ومشروع إنجاز مسرح للهواء الطلق ومدى تقدم الحفريات في الموقع الاثري زاما.
وأوضحت الوزيرة في إجابتها أنّ الوزارة والمصالح التابعة لها لا تقوم باقتناء المسارح القابلة للطيّ نظراً لكلفتها الباهظة، لكن يمكنها المساهمة في تمويل جزء من الاعتمادات اللازمة لإحداث مسرح هواء طلق بولاية سليانة. وأشارت إلى أنّه تم في سنة 2024 تخصيص عقار مساحته 10 آلاف متر مربع لفائدة هذا المشروع، كما عبّرت بلدية سليانة عن استعدادها للتعهّد بإنجازه. وأضافت أنّ مصالح إدارة وزارة الشؤون الثقافية تعمل حالياً بالتنسيق مع البلدية لإعداد جميع التفاصيل الفنية المتعلقة بهذا المشروع.
ومن جهته تقدم النائب عادل ضياف بسؤال حول البرامج الثقافية بسيدي حسين واستراتيجية الوزارة لدعم الانشطة الثقافية.
وبيّنت الوزيرة أنّ مشاريع مثل إحداث مسرح الهواء الطلق بسيدي حسين تتطلب تمويلات ضخمة، وقد تم في هذا الإطار تخصيص دار الجمعيات لفائدة وزارة الشؤون الثقافية ليقع استغلالها مستقبلاً.
وأبرزت أنّ الوزارة تتولى تنظيم مهرجان قرطاج الدولي ومهرجان الحمامات الدولي، بينما تُسند مهمة تنظيم المهرجانات الصيفية الأخرى إلى الجمعيات الثقافية النشطة محلياً. وفي هذا السياق، تولت دار الثقافة بسيدي حسين تنظيم الدورة التاسعة من الأيام الثقافية بالجهة، والتي تضمنت عدداً من العروض المتنوعة.
وفيما يخصّ مشروع تهيئة دار الثقافة 20 مارس، أوضحت الوزيرة أنّه لم ينفذ بعد بسبب عدم استكمال الإجراءات القانونية، وأن الوزارة تسعى حالياً للحصول على قرار تخصيص العقار لفائدتها حتى تتمكّن من التدخل وإنجاز المشروع.
كما أشارت إلى أنّ الاستراتيجية الثقافية للوزارة في الأحياء الشعبية تستند إلى أحكام الدستور التي تضمن الحق الثقافي للجميع، حيث أطلقت الوزارة عدداً من البرامج الشبابية الثقافية ضمن المخططات التنموية بهدف الحدّ من السلوكيات العنيفة، مثل برنامج "حكواتي"، وتظاهرة "رمضانيات السيجومي"، وبرنامج "شوارع المدن المبدعة"، إلى جانب مشاريع أخرى ممولة من الاتحاد الأوروبي تهدف إلى إدماج الشباب من الفئات الهشة في محيطهم الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ومن المنتظر أن تنطلق هذه المشاريع بداية من سنة 2025.
وشدّد النائب في تعقيبه على أنّ مشروع مسرح الهواء الطلق في سيدي حسين أصبح عرضة للاعتداءات وممارسات منافية للاخلاق، كما ان كل تأخير في الإنجاز يجعل كلفة المشروع ترتفع. ودعا إلى إحداث معهد موسيقى لصقل مواهب شباب الجهة، مؤكداً على أهمية ترسيخ ثقافة بيئية من خلال استغلال سبخة السيجومي كمحيط طبيعي للتربية والتوعية، واعتبر أنّ الثقافة تمثل أسس بناء الأمم، وأن الوضع الراهن يتطلّب استراتيجية ثقافية جديدة تبتعد عن الرتابة وتواكب تطلعات الشباب والمجتمع.
وتوجّهت النائب ريم المعشاوي بسؤال حول توظيف المعالم الاثرية والزخم المنجمي لوضع مسلك سياحي ثقافي في ولاية الكاف.
وأوضحت الوزيرة أن معلم القصبة يعود بالنظر إلى بلدية الكاف، وأن المعهد الوطني للتراث تقدم بطلب إلى وزارة التجهيز والإسكان لإدراج المعلم تحت إشرافه ودمجه ضمن مسلك ثقافي وسياحي. وفيما يخص المعالم التاريخية غير المرتبة، بيّنت أن الوزارات والهياكل المعنية مطالبة بتوفير الاعتمادات اللازمة للمتابعة الفنية، كما هو الحال مع معهد الغريبة بالكاف. وذكرت أن بعض المواقع مثل موقع "المديّنة" شهدت برمجة حفريات، بينما خضعت مائدة يوغرطة لعدة تدخلات صيانة في الفترات الماضية. وتعمل الوزارة على تدعيم التشوير لكافة المعالم التاريخية بجهة الكاف بتكلفة تقدّر بأكثر من 600 ألف دينار. وأكدت أن الاستثمارات والتدخلات التي قامت بها وزارة الشؤون الثقافية في الجهة أسهمت بشكل ملحوظ في تطوير الحركية الثقافية بالجهة.
وفي التعقيب اعتبرت النائب أن إجابة الوزيرة لم تكن كافية، وأكدت أن جهة الكاف تتطلّب تنظيم مجلس وزاري جهوي خاص بالثقافة، نظراً لأهمية المعالم والمواقع الأثرية فيها. وطالبت بإجراء زيارة ميدانية للجهة للوقوف على واقع الوضع الثقافي وحلّ المشاريع الثقافية المعطلة، كما استفسرت عن مصير عديد المشاريع المبرمجة في المجال الثقافي بالجهة.
وتقدّمت النائب بسمة الهمامي بسؤال ثان حول واقع اثار زاما وافاقها بولاية سليانة وواقع الشأن الثقافي في ولاية سليانة عامة.
وأوضحت الوزيرة أن أول لقاء جمعها بعد توليها مهام منصبها كان مع الأخصائيين في الحفريات والمهندسين المعماريين، حيث أسفرت الحفريات في موقع زاما عن اكتشافات أثرية تعود إلى فترات زمنية مختلفة. وحرصاً على تعميق الفهم الأثري لهذا الموقع، تم برمجة حفريات جديدة لاستكشاف الامتداد البيزنطي، بهدف استكمال الأبحاث الميدانية. كما جرى جرد جميع القطع الأثرية الموجودة في ولاية سليانة، وخاصة في موقع زاما. ومن أجل تعزيز قيمة هذا التراث الثقافي، تم إبرام اتفاقية تعاون بين المعهد الوطني للتراث والمنتزه الأثري بروما، شملت ترميم أكثر من 30 قطعة أثرية. ويمتد هذا المشروع على مدار أربع سنوات، بدعم سنوي يصل إلى 200 ألف يورو، ويشرف عليه فريق من المختصين التونسيين والإيطاليين، بهدف إدراج الموقع ضمن مسار سياحي أثري يعرّف بالموقع وبالجهة ككل.
وعلى صعيد الانشطة الثقافية، تضمّ ولاية سليانة حالياً 44 نادياً تنشط في مجالات متنوعة مثل الرقص والمسرح، ويبلغ عدد المنخرطين فيها 735 شخصاً يقدمون عروضاً مختلفة. كما تقدم دور الثقافة عروضاً مهمة تشمل مهرجانات وتظاهرات تهدف إلى تعزيز الإشعاع الثقافي في المنطقة، منها تظاهرة "100% مسرح". بالإضافة إلى ذلك، توجد 12 مكتبة عمومية تضم حوالي 1450 مشتركاً، مما يسهم في تعزيز الحراك الثقافي والمعرفي بالجهة.
وفي الختام، أبرزت الوزيرة أن الشراكة مع الجمعيات الثقافية تُشكّل ركيزة أساسية لتنمية العمل الثقافي. وأكدت الدور الحيوي الذي تضطلع به دور الثقافة في مختلف الجهات، مقدمة لمحة عن عدد من المشاريع الجارية. كما بينت أن مجلة حماية التراث تحظى باهتمام خاص، حيث تم تشكيل فريق عمل من المختصين لمراجعتها، ومن المتوقع الانتهاء منها قبل نهاية عام 2025. وابرزت ان الوزارة تدعم بعض الفضاءات الثقافية الخاصة، لا سيما تلك المخصصة بالمسرح، وأشارت الى ضرورة مراجعة توقيت العمل في المؤسسات الثقافية بما يتماشى مع خصوصية النشاط.
وأضافت أن الوزارة تسعى لضمان حد أدنى من العدالة الثقافية ومعالجة النقائص والصعوبات بالتنسيق مع جميع الوزارات والهياكل المعنية. وبالنظر إلى المكانة المركزية للتراث، تولي الوزارة اهتماماً خاصاً لصيانة هذا الرصيد الحضاري، وتعمل على إيجاد حلول مبتكرة وفعالة للحفاظ عليه وتثمينه، تماشياً مع التوجه الوطني الذي أوصى به رئيس الجمهورية.
كما تواصل الوزارة بلورة رؤية ثقافية متجددة تهدف إلى جعل الثقافة والتراث رافدين واعدين للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر إعادة هيكلة المؤسسات الثقافية القائمة، ودعم الصناعات الإبداعية، وتشجيع الاستثمار في المشاريع الثقافية ذات القيمة المضافة العالية، إضافة إلى تكوين جيل واعد متجذر في هويته العربية ومنفتح على الثقافات الأخرى.
وفي ختام الجلسة العامة المخصّصة للأسئلة الشفاهية حول الشأن الثقافي، أكّد رئيس مجلس نواب الشعب السيد إبراهيم بودربالة وعي النواب العميق بالدور الحيوي الذي تلعبه الثقافة في بناء المجتمع وتعزيز وعي مختلف أجياله، باعتبارها ركيزة أساسية لترسيخ الهوية الوطنية، وتقوية الروابط الاجتماعية، ونشر قيم التسامح والتعايش وقبول التنوع.
وأشار كذلك إلى إيمان النواب بأن الثقافة ليست فقط وسيلة لصيانة الذاكرة الجماعية، بل تمثل أيضًا عاملاً مهمًا لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولتحصين المجتمع من الفكر الظلاميّ والهدّام.
وعبّر رئيس المجلس عن اعتزازه بما تزخر به تونس من رصيد حضاري وثقافي فريد، مؤكداً على الحاجة إلى مزيد تطوير الفعل الثقافي حتى يبلغ المكانة التي يستحقها في الارتقاء بالمجتمع علميًا وفكريًا وأدبيًا.
وفي هذا الإطار، دعا إلى تحمّل كل الأطراف لمسؤولياتها، كلّ حسب صلاحياته الدستورية والقانونية، من أجل جعل الثقافة رافعة حقيقية للتنمية البشرية والإبداع والتميّز. وهو ما يستوجب تضافر جهود الهياكل الرسمية المعنية وانخراط مختلف الفاعلين الثقافيين في تنفيذ السياسات الثقافية التي تضعها الدولة، بما يضمن الإصلاح والتطوير المستمرّ للقطاع

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى