عقدت لجنة المالية والميزانية يوم 13 نوفمبر 2025 جلسة مشتركة مع لجنة المالية والميزانية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم، خُصّصت للاستماع تباعا إلى ممثلين عن كل من الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، وجمعية الأقطاب التكنولوجية، والمصنّعين التونسيين للاقطات الشمسية، والجمعية التونسية لمجامع الصيانة والتصرف في المناطق الصناعية حول مشروع قانون المالية لسنة 2026.
وحضر الجلسة رئيس اللجنة السيد عبد الجليل الهاني ونائب رئيس اللجنة السيد عصام شوشان، وأعضاء اللجنة السيدة زينة جيب الله والسادة عماد الدين السديري، وعلي زغدود، وإبراهيم حسين، وماهر الكتاري, ومحمد زياد الماهر, وظافر الصغيري, ومصطفى البوبكري, ومحمد أمين الورغي، إلى جانب عدد من النواب من غير أعضاء اللجنة.
وتعرّض ممثلو الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري الى عدد من الإشكاليات التي يعاني منها القطاع على غرار هشاشة الموارد المائية وضعف الاستثمار والتجديد التكنولوجي والارتفاع المتواصل في كلفة الإنتاج مقابل محدودية وسائل التمويل والتأمين، إضافة إلى ضعف الحوكمة وسوء تنظيم مسالك التوزيع، ممّا يحدّ من مردوديته وقدرته على تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز القيمة المضافة.
ودعوا إلى مزيد دعم البحّارة خلال فترة الراحة البيولوجية للمحافظة على مردودية القطاع وتسوية الآبار المنجزة بدون تراخيص ودعم صغار مربي الأبقار وإحداث صندوق الصحة الحيوانية للإحاطة بالفلاحين وضمان ديمومة القطيع. وشدّدوا على ضرورة اتخاذ قرارات جريئة لمزيد دعم القطاع الفلاحي، معتبرين أنّ الاعتمادات المخصصة لصندوق تنمية القدرة التنافسية لم يتمّ توظيفها لمستحقّي القطاع الفلاحي بالكيفية المرجوة.
وبيّنوا أن الإجراء الوارد بالفصل 32 من مشروع قانون المالية لسنة 2026 والمتعلّق بمادة البطاطا لا يتماشى مع الخطة الوطنية لإنتاج البذور ولا يدعم الفلاحين، ولن يمكّن من تعديل السوق بحكم ارتباط ذلك بالإنتاج المحلّي وبقواعد العرض والطلب. واقترحوا في المقابل التخفيض في كلفة البذور والتقليص من كلفة مستلزمات الإنتاج الفلاحي. مع العلم وأنه تم رصد اعتمادات لإنجاز خطة وطنية للنهوض بعديد المنتجات الفلاحية دون تفعيلها بالشكل المطلوب.
كما تعرضوا الى جملة من الصعوبات التي تعترض منظومة الحليب ومشتقاته والأعلاف واللحوم الحمراء والحبوب والأشجار المثمرة.
وخلال النقاش استفسر أعضاء اللجنتين حول مدى وجود تنسيق بين الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والوظيفة التنفيذية وعن أبرز الإشكاليات التي تعاني منها المنظومات الفلاحية، وعلى رأسها اضطراب منظومتي الحليب والأعلاف بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج وتقلّص القطيع وتزايد التبعية للتوريد، إضافة إلى صعوبات منظومات اللحوم الحمراء والبيضاء والحبوب والخضر نتيجة نقص المياه وسوء تنظيم مسالك التوزيع وضعف الاستثمار. كما طالبوا بتوضيحات حول غياب رؤية واضحة لإصلاح هذه المنظومات وضمان استدامتها وتحقيق الأمن الغذائي.
وفي ردودهم، بيّن ممثلو الاتحاد أنّ الإشكاليات التي تعاني منها المنظومات الفلاحية مترابطة وأنّ ارتفاع كلفة الأعلاف وتقلّص الموارد المائية أثّرا بشكل مباشر في منظومتي الحليب واللحوم. كما أفادوا أنّ اضطراب التزويد يعود إلى تقلّبات الإنتاج وضعف هيكلة السلاسل، ودعوا إلى أهمية تظافر الجهود للقيام بإصلاحات تدريجية تشمل تحسين التمويل، وترشيد مسالك التوزيع، وتعزيز الاستثمار والتكيّف مع التغيّرات المناخية.
ثم واصلت اللجنة جلستها بالاستماع إلى ممثلين عن جمعية الأقطاب التكنولوجية الذين قدّموا عرضا تضمّن نشاط الجمعية والعوائق التي تحول دون تطوير الأقطاب التكنولوجية والمرتبطة أساسا بتعزيز قدرتها الاستثمارية وتحقيق زيادات في رأس المال على غرار صعوبة مشاركة الشركات العامة في رأس مال الأقطاب التكنولوجية وصعوبة الحصول على التمويلات البنكية، وعزوف القطاع الخاص عن المساهمة في رأس مال شركات التصرف في الأقطاب التكنولوجية.
واعتبروا أن ضمان التوفيق بين تمكين شركات التصرف في الأقطاب التكنولوجية من القيام بمهامها من جهة ، وتعزيز إقبال الشركات الخاصة على المساهمة في رأس مالها من جهة أخرى، يتطلب إقرار حوافز جبائية لصالح الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين يشاركون في رأس مال الأقطاب التكنولوجية وذلك من خلال إقرار فصل بقانون المالية بعنوان سنة 2026 لتنقيح مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات بما يمكّن من طرحها كليا، وفي حدود %50 من الدخل أو الربح الخاضع للضريبة على المداخيل أو الأرباح التي تقع إعادة استثمارها في الاكتتاب في رأس المال اﻷصلي أو في الترفيع فيه لمؤسسات الأقطاب التكنولوجية والشركات الفرعية التابعة لها.
وثمّن النواب المقترح المقدّم لما له من انعكاس إيجابي على تطوير القطاعات ذات القيمة المضافة العالية ممّا يمثّل دعما للاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. واستفسروا حول أوجه الشراكة بين الأقطاب التكنولوجية ومخابر البحث. ودعوا إلى ضرورة مراجعة القانون المنظم لمؤسسات الأقطاب التكنولوجية لملاءمته مع التطوّر الاقتصادي والتكنولوجي ومزيد دعم المؤسسات الناشئة باعتبارها قاطرة للنمو الاقتصادي. وتفاعل ممثلو الجمعية مع استفسارات النواب.
ثم استمعت اللجنة إلى ممثلين عن مصنّعي اللاقطات الشمسية الذين بيّنوا أنّ الفصل 47 من مشروع قانون المالية لسنة 2026 أعاد تمتيع المورّدين بالامتيازات الديوانية وهو ما يُربك مسار تطوير الصناعة الوطنية في مجال الطاقات المتجدّدة، نظرا لما يخلقه من منافسة غير متكافئة بين المصنّعين المحلّيين والمورّدين، معتبرين أنّ استمرار سياسة الامتيازات للمورّدين سيُضعف قدرة المؤسسات التونسية على الاستثمار والتوسّع وخلق مواطن الشغل. ودعوا اللجنة إلى مراجعة الأحكام المقترحة وضبط سياسة تشجيع واضحة تقوم على حماية الإنتاج الوطني، واستغلال المؤهلات التقنية والقدرات الصناعية المتاحة لدعم الانتقال الطاقي وتقليص التبعية للمصادر الخارجية.
واستفسر النواب عن مدى مساهمة الشركات التونسية المصنعة للاقطات الشمسية في المجهود الوطني لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وآفاق طاقتها الإنتاجية خلال الفترة القادمة. وتساءلوا عن أسعار اللاقطات الشمسية المنتجة محليا بالمقارنة بمثيلتها المورّدة. وعبّر أعضاء اللجنتيْن عن دعمهم للشركات التونسية الناشطة في هذا القطاع، وثمّنوا مجهوداتها في تلبية حاجيات السوق المحلية ودعوا إلى تقديم الضمانات الكافية حول جودة المنتجات ونسبة الإدماج الصناعي لهذا القطاع وقدرته التنافسية محليا ودوليا لمساندتهم للقيام بمقترحات التعديل الضرورية.
وأوضح ممثّلو مصنّعي اللاقطات الشمسية أنّ هذا القطاع يتطلّب استقرار الإطار التشريعي لضمان ديمومته وتطوّره. واعتبروا أنّ توجّه الدولة نحو الطاقات المتجددة هو خيار وطني ومن الضروري أن تتوفّر للمؤسسات المحلية رؤية مستقبلية واضحة للقطاع، مع مزيد دعمها لتطوير قدراتها الإنتاجية والمحافظة على قدرتها التنافسية لتلبية حاجيات السوق المحلية والدولية. وأكّدوا أنّ اللاقطات الشمسية المصنعة محليا تمتاز بجودة عاليا مقارنة بالمنتجات المورّدة وأنّ الشركات التونسية قادرة على تلبية حاجيات السوق المحلية والدولية، بالإضافة إلى المساهمة في معاضدة مجهود الدولة في الإنتاج الوطني للكهرباء من الطاقات المتجددة.
واختتمت اللجنة جلساتها بالاستماع إلى ممثلين عن الجمعية التونسية لمجامع الصيانة والتصرف في المناطق الصناعية الذين بيّنوا أنّ المجامع تشكو من عدة صعوبات في التمويل نظرا لمحدودية مساهمة الشركات المنتصبة بالمناطق الصناعية في مساندتها ودعمها، بالإضافة إلى ضعف التنسيق مع البلديات للقيام بأشغال التهيئة والنظافة. ودعوا إلى تعديل الفصل 45 من مشروع قانون المالية في اتجاه عدم استثناء الجمعيات من توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة على الأملاك والبضائع والأشغال والخدمات المسلمة أو المموّلة بعنوان الهبة في إطار التعاون الدولي. وتفاعل النواب مع المقترح وتعهدوا بمزيد دراسته والتدقيق فيه خلال مناقشة فصول مشروع قانون المالية