لجنة المالية والميزانية تعقد جلسة استماع حول مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026.

عقدت لجنة المالية والميزانية يوم 31 أكتوبر 2025 جلسة مشتركة مع لجنة المالية والميزانية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم، استمعت خلالها إلى وزير الاقتصاد والتخطيط حول مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026.
وحضر الجلسة رئيس اللجنة السيد عبد الجليل الهاني ونائب رئيس اللجنة السيد عصام شوشان ومقرر اللجنة السيد محمد بن حسين، وأعضاء اللجنة السيدة زينة جيب الله، والسادة عماد الدين السديري وعلي زغدود وعادل بوسالمي ومسعود قريرة ومحمد أمين الورغي وإبراهيم حسين وظافر الصغيري، إلى جانب عدد من النواب من غير أعضاء اللجنة.
وقدّم الوزير عرضًا مفصلا لمشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026، مبيّنا أنه يمثل نقطة الانطلاق لتنفيذ مخطط التنمية للفترة 2026-2030، الذي يرتكز على تعزيز السيادة الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة بين الجهات. كما يهدف المشروع إلى بناء اقتصاد قوي من خلال تعبئة الطاقات وتحقيق التوازن بين النمو والاحتياجات الاجتماعية، تماشيًا مع التوجهات الرئاسية لتثبيت الاستقرار الاقتصادي الكلي وتحسين مستوى معيشة الفئات الضعيفة.
وفي استعراض الوضع الاقتصادي لعام 2025، أشار الوزير إلى تحسن في المؤشرات رغم تصاعد حالة عدم اليقين على المستوى العالمي بسبب الصدمات الجيوسياسية. وبين ان النمو ارتفع إلى 3.2% في الربع الثاني، وانخفضت البطالة إلى 15.3%، وتراجع التضخم إلى 5% في سبتمبر. كما شهدت القطاعات الإنتاجية نتائج إيجابية، خاصة في الفلاحة والسياحة والصادرات الميكانيكية والكهربائية والنسيجية، مما ساهم في تحسن المدخرات من العملة الأجنبية وتقليل العجز التجاري. ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد يواجه تحديات قائمة، أبرزها تراجع إنتاج المحروقات، بطء الاستثمار، العجز الطاقي، ضعف إحداث الشغل، وعدم تجانس التنمية الجهوية.
وأفاد أن مشروع الميزان الاقتصادي للسنة المقبلة يركز على تحقيق نمو بنسبة 3.3% بالأسعار القارية، مقابل 2.6% في 2025، استنادًا إلى استمرار التعافي الاقتصادي وتثبيت الاستقرار الكلي. وتتوقع التقديرات تحسنًا في الإنتاج الفلاحي وزيادة في إنتاج الفسفاط والمحروقات، بالإضافة إلى استقطاب 11.5 مليون سائح. كما يخطط المشروع لتحفيز الاستثمار الإجمالي ليصل إلى 29.978 مليار دينار، مع التحكم في التضخم عند مستوى 5.3%. وتشتمل الاستراتيجية على خمسة محاور رئيسية لتقليص الفوارق بين الجهات وتحسين الإنتاجية، وهي التشغيل والإدماج الاجتماعي، وتنمية رأس المال البشري، ودعم الاستثمار والتنافسية، والتنمية الجهوية، والتنمية المستدامة.
وخلال النقاش، قدم النواب ملاحظات حول توسع العجز الطاقي، والتفاوت الجهوي، وضعف مردودية التنمية الجهوية، داعين إلى مراجعة السياسات الاقتصادية والمالية. وأبرزوا غياب التناغم بين ميزانية 2026 ومخطط التنمية. ولاحظوا أن المؤشرات الإيجابية، مثل صابة الزيتون والحبوب، لا تنعكس على المقدرة الشرائية أو الشغل. وتساءلوا عن تأثير النمو على الاقتصاد الحقيقي في ظل بطء الاستثمار الخاص وصعوبات التمويل.
ودعوا إلى خارطة طريق لتسريع النمو، وبرنامج إصلاحي للاستثمار والصادرات، ومقاربات جديدة مستوحاة من التجارب الدولية. كما عبّروا عن استيائهم من بطء تحسين مناخ الأعمال بسبب العراقيل الإدارية وتعقيد الصفقات العمومية، داعين إلى مراجعة المنظومة القانونية وتفعيل حرية المبادرة. وشدّدوا من جهة أخرى على معالجة هيكلية للقطاعات المنتجة مثل الفسفاط، والجبس، والطاقة المتجددة) والى محاربة الفساد، والتنفيذ الفعلي للمشاريع.
وأشار النواب الى غياب إجراءات لإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، داعين إلى التمييز بين الطابع الاجتماعي والاقتصادي، وتقييم مساهمة مخطط التنمية في تنافسيتها. واستفسروا عن وضعية الشركات الأهلية في الاقتصاد الاجتماعي، مطالبين بتقييم موضوعي لإسهامها في الشغل والتنمية الداخلية.
وبخصوص العجز الطاقي، شدّدوا على تفعيل الطاقات المتجددة عبر الإدارات العمومية، وترشيد الاستهلاك، وتعميم التجارب النموذجية. وأكدوا دور المصالح الجهوية في إعداد المخططات التنموية بمقاربة تشاركية وبناء قاعدي.
كما أشاروا إلى التناقض بين تحسن التصنيف السيادي وسياسة الاعتماد على الذات، داعين إلى موازنة بين الاستقلالية والثقة الدولية لتمويل التنمية دون إملاءات خارجية.
وفي تعقيبه على تدخلات النواب، بيّن الوزير أن اختيار المشاريع التنموية يتم وفق مبدأ تصاعدي ومنهجية البناء القاعدي بالتنسيق مع المجالس المحلية، مع التركيز على المشاريع ذات الأولوية والمستمرة والجاهزة للتنفيذ، وتقديم الدعم التقني والتدريب للمجالس المنتخبة.
وأشار إلى أن النمو الاقتصادي لا يقتصر على الأرقام، بل يجب أن ينعكس على تحسين حياة المواطن، مبيّنا ان التحكم في التضخم يعني استقرار الأسعار نسبيًا وليس انخفاضها.
وذكر أن تحسن الترقيم السيادي لتونس يعكس ثقة المستثمرين والمؤسسات المالية، ويتيح الحصول على تمويلات أفضل مع الحفاظ على حرية القرار الوطني في السوق المالية. وأكد على التوازن بين الاعتماد على الموارد الذاتية والتمويل الخارجي، مع ضرورة دراسة إيجابيات وسلبيات كل خيار والالتزام بسداد الديون في مواعيدها.
وبيّن أن العمل متواصل لتحسين مناخ الاستثمار وأن إلغاء التراخيص يحتاج تدقيقا لتعويضها بـكراسات شروط مناسبة، مع استمرار الإصلاح الإداري لتحسين الأداء العام. وأكد توفر مقومات التنمية وإمكانية تحقيق النهوض الاقتصادي عبر الاستقرار والإصلاحات، مع بوادر انتعاش واضحة في الاستهلاك الخاص والاستثمار وتصاريح الاستثمار تعكس تجدد الثقة.
وختم بالتشديد على أهمية التعاون بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية لضمان نجاعة التخطيط الاقتصادي وتفعيل المشاركة في إعداد وتنفيذ المشاريع لتحقيق تأثير إيجابي ملموس على حياة المواطنين

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى