واصلت الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، مساء يوم الخميس 13 نوفمبر 2025، أشغالها برئاسة السيّد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، وبحضور السيّد عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم والسيّد حبيب عبيد وزير البيئة والوفد المرافق له وتضمّن جدول الأعمال عرض ومناقشة مهمة البيئة من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026.
في مستهل الجلسة، أكّد السيد إبراهيم بودربالة، رئيس مجلس نواب الشعب، أهمية الالتزام بالمقتضيات الدستورية عند دراسة مشروع المخطط التنموي للخماسية المقبلة، وعلى وجه الخصوص الفصل 47 من دستور 25 جويلية 2022، الذي يشكّل المرجعية الأساسية للسياسات البيئية. وأوضح أن هذه السياسات تمثّل أداة حيوية لمواجهة التحديات البيئية من خلال تكاتف الجهود وتبني منوال اقتصادي وتنموي جديد، يحدّ من الأضرار الاجتماعية والصحية والاقتصادية الناجمة عن تدهور البيئة في مختلف جهات البلاد.
وأشار رئيس المجلس إلى أنّ الحق في بيئة سليمة يُعدّ حقًا من حقوق الإنسان ومبدأ دستوريًا، مما يحمّل الدولة مسؤولية ضمان هذا الحق ووضع حلول جذرية للتلوث، وتحميل كل منتج مسؤولية التداعيات البيئية الناتجة عن نشاطه. ويتطلب ذلك تبنّي إصلاحات هيكلية ومؤسساتية وتشريعية ضمن رؤية شاملة ومتكاملة.
كما نوّه بدور وزارة البيئة المحوري في مواجهة التلوث والتحديات البيئية المتنوعة، وأكد أن جزءًا من هذه المشكلات يعود إلى سياسات سابقة غير فعّالة، غير أنّ الوزارة والهيئات المعنية مطالبة باتخاذ الإجراءات الجادة والحازمة لمعالجة الملفات الملحّة واحتواء المظاهر المضرّة بالبيئة والصحة العامة، بعيدًا عن الحلول المؤقّتة أو غير المستدامة.
وختم رئيس المجلس بالتأكيد على ضرورة تعميق النظر في الإشكالات البيئية القائمة، والعمل عاجلًا على تحيين الإطار التشريعي وتطويره، وتقييم النظام المؤسساتي لحماية البيئة، وضبط المسؤوليات بدقة، ووضع استراتيجيات وخطط وبرامج متكاملة تشاركية تجمع جميع الأطراف المعنية. وشدّد على أنّ معالجة القضايا البيئية ليست خيارًا بل ضرورة حتمية، ترتبط مباشرة بالرفاه العام، والتقدّم الاقتصادي والاجتماعي، والتنمية البشرية في تونس كما في مختلف دول العالم.
ثمّ تولّت كلّ من لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب ولجنة القطاعات الإنتاجية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم عرض تقريرهما المشترك حول مهمة البيئة.
ثمّ فتح باب النقاش العام، حيث تمحورت تدخّلات النواب حول المحاور التالية:
- التشديد على حماية الشواطئ من التلوث البحري الذي يؤثّر على صحة المواطن وعلى الثروة السمكية.
- الدعوة لبعث برامج توعية مستمرة في المدارس والمعاهد بما يرسّخ التربية البيئية.
- الاستياء من ضعف منظومة الجمع والفرز وغياب محطات التطهير والرسكلة.
- المطالبة بتعزيز قدرات مؤسسة الديوان الوطني للتطهير بالتجهيزات والموارد البشرية.
- الدعوة الى تنظيم حملات دورية واستباقية لمداواة البعوض.
-استحثاث اعتماد آليات رقابة فعّالة والصرامة في تطبيق القانون على المخالفين.
- ضرورة إحداث محطات تطهير في عدد من المناطق والاعتناء بوضعية الأودية بالجهر والتنظيف.
- المطالبة بحماية الشريط الساحلي من الانجراف البحري ورسم السياسات العامة والخطط الوطنية لحماية البيئة.
- الحث على تفعيل دور المكاتب والمصالح الجهوية التابعة لوزارة البيئة والانفتاح على مكونات المجتمع المدني.
- تثمين دعم البحث العلمي والابتكار والتركيز على تحويل النفايات البيئية إلى فرص تنموية.
- المطالبة بإدماج البعد البيئي والتنمية المستدامة ضمن سياسات وزارات أخرى مثل الفلاحة والصناعة والسياحة والطاقة، لضمان النمو المستدام.
- المطالبة بتعزيز الحق في المعلومة البيئية وضمان الشفافية في المشاريع والقرارات المتخذة، بما في ذلك تقييم الأثر البيئي للمشاريع الكبرى.
وتولّى السيّد حبيب عبيد التفاعل مع مداخلات النواب، حيث ذكّر ان الوزارة تعمل وفق أحكام الدستور وتتعهّد بالتعاون مع المجلسين بما يساهم في وحدة الدولة وتنفيذ السياسات العامة للدولة التي يرسمها رئيس الجمهورية لا سيما فيما يتعلق بتحسين الخدمات البيئية.
وشدّد الوزير أن الاهتمام بالبيئة لا يعدّ من الكماليات، وقد عملت الوزارة على أسس بيئية مستدامة أبرزها تدعيم منشآت التطهير وتحسين جودة المياه واستصلاح الشريط الساحلي والمحافظة على التنوع البيولوجي.
ففي مجال التطهير، أوضح الوزير أنّه يتم معالجة 01 مليون متر مكعب من المياه المستعملة يوميا وتعمل الوزارة على تطهير عدد من المدن من خلال تأهيل وتجديد تجهيزات محطات التطهير بها وإحداث محطات جديدة في المدن التي تفتقر إلى هذه المنشأة. وأعلن عن إنطلاق مشروع ضخم يهدف إلى تطهير 136 حيّ شعبي، بالإضافة إلى حلحلة عدد من المشاريع المعطلة التي بلغ عددها 40 وتمّ فضّ إشكال 37 منها وما بقي إلا 03 مشاريع تعمل الوزارة على إيجاد حلول في شأنها.
بالنسبة للتلوث في مدينة قابس، أكّد وزير البيئة حرص رئيس الجمهورية على هذا الملف بصفة شخصية ولصيقة، كما هو الحال أيضا بالنسبة لجهة المنستير ونابل والتي قام الرئيس بزيارتها والوقوف على الوضع البيئي فيها وإسداء تعليمات في شأنها.
وأفاد الوزير أن كمية النفايات اليومية تقدّر بـ 10 آلاف طن توزّع على 16 مصبّ مراقب، كما أكد الشروع في تجربة نموذجية جديدة مع الشركة التونسية للكهرباء والغاز لإنتاج الكهرباء من النفايات.
واعتبر الوزير أن موارد الوزارة لا تفي بالحاجة لتهيئة الشريط الساحلي بأكمله، معلنا وجود هيبة بـ 60 مليون أورو ستقوم وكالة حماية الشريط الساحلي برصدها للتدخّل حسب خطّة يتمّ ضبطها من قبل خبراء في المجال. أما بالنسبة للمصبات العشوائية، فقد بيّن الوزير أنّ التنسيق متواصل مع وزارة الداخلية لغلق هذه المصبات وفرض الرقابة عليها، كما أشار أن الأمر المتعلق بالوقود البديل قيد الإعداد وإصداره سيكون في أجل قريب.
وأشار الوزير إلى وجود 09 شركات مرخّصة لمعالجة النفايات الصحية وشركتين مرخّصتين لمعالجة الفضلات الصيدلية. أما بخصوص مادة المرجين، فقد أبرز أن الوزارة لجأت للخبراء المختصين لتطوير البحث العلمي لإيجاد حلّ ناجع في تثمين هذه المادة.
وفيما يتعلق بالتلوث الصناعي، فقد أكّد الوزير التنسيق المتواصل مع المصنّعين مبينا تدخل الوزارة بالمعاينة والتحاليل وفي حال ثبوت اي تجاوزات يتمّ تسليط عقوبة على المصنع الملوّث تتراوح بين 100 و50 ألف دينار، وتبقى إجراءات سحب الرخصة من أنظار الجهة التي أسندتها.
واعتبر أن موارد الوزارة لا تسمح بالتكفل بتهيئة كامل الشريط الساحلي، معلنا وجود هبة بـ 240 مليون دينار ستقوم وكالة حماية الشريط الساحلي برصدها للتدخّل حسب خطّة يتمّ ضبطها من قبل خبراء في المجال. أما بالنسبة للمصبات العشوائية، فقد بيّن الوزير أنّ التنسيق متواصل مع وزارة الداخلية لغلق هذه المصبات وفرض الرقابة عليها، كما أشار أن الأمر المتعلق بالوقود البديل قيد الإعداد وإصداره سيكون في أجل قريب.
وفي ختام الجلسة، توجّه رئيس مجلس نواب الشعب بكلمة أكّد فيها إستعداد المجلس للإضطلاع بدوره في دراسة والمصادقة على مجلة البيئة بإعتبارها مشروعا مهمّا يساهم في النهوض بالوضع البيئي ويكرّس التنمية المستدامة.