لجنة المالية والميزانية تواصل النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2026

عقدت لجنة المالية والميزانية يوم 21 نوفمبر 2025 جلسة مشتركة مع لجنة المالية والميزانية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم استمعت خلالها الى كاتب الدولة المكلف بالانتقال الطاقي حول عدد من فصول مشروع قانون المالية لسنة 2026.
وحضر الجلسة رئيس اللجنة السيد عبد الجليل الهاني ونائب الرئيس السيد عصام شوشان والمقرر السيد محمد بن حسين والأعضاء السيدة زينة جيب الله والسادة عادل بوسليمي وماهر الكتاري وزياد الماهر وظافر الصغيري ومصطفى بوبكري ومحمد أمين الورغي وعماد الدين السديري ومعز بن يوسف ومسعود قريرة وإبراهيم حسين وعلي زغدود، إلى جانب عدد من النواب من غير أعضاء اللجنة.
وخلال التداول حول منظومة الانتقال الطاقي والإيكولوجي انطلاقا من الفصل 46 المتعلق بتوسيع تدخلات صندوق الإنتقال الطاقي، بيّن كاتب الدولة المكلف بالانتقال الطاقي أنّ هذا الصندوق يتولى المساهمة في تمويل العمليات الرامية إلى ترشيد استهلاك الطاقة والنهوض بالطاقات المتجددة واستبدال الطاقة وكل العمليات الرامية إلى التشجيع على الاستثمار في ميدان التحكّم في الطاقة وإسناد منح للقيام بالعمليات المتعلقة بإحداث نظام التحكم في الطاقة. وأضاف أنّه في إطار دعم الدولة لمنظومة الانتقال الطاقي والايكولوجي، تمّ توسيع مجال تدخله ليتكفل بالفارق بين النسبة الموظفة على قروض وتمويلات الاستثمار ومعدل نسبة الفائدة في السوق النقدية في حدود ثلاث نقاط على ألا يتعدى الهامش الموظف من قبل البنوك والمؤسسات المالية نسبة 3.5% وذلك خلال الفترة الممتدة من غرّة جانفي 2026 إلى موفّى ديسمبر 2028 بالنسبة إلى القروض والتمويلات المسندة من قبل البنوك والمؤسسات المالية لفائدة الاستثمارات في ميدان النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة، وكذلك القروض والتمويلات المسندة من قبل البنك التونسي للتضامن والموجهة لاقتناء السيارات الكهربائية من قبل أصحاب سيارات التاكسي ومراكز التكوين في مجال سياقة العربات بهدف دعم الاستثمارات الموجّهة للانتقال نحو الطاقات النظيفة، خاصة مشاريع النجاعة الطاقية وكهربة الاستعمالات.
وأوضح كاتب الدولة أنّ الإجراء يرمي الى مزيد التشجيع على استعمال حلول كهربائية أقل كلفة وأكثر نجاعة، مع إدراج حوافز جديدة موجّهة لقطاع النقل، ولاسيما أصحاب سيارات التاكسي عبر آليات تمويل يوفرها البنك التونسي للتضامن. كما بيّن أنّ تحديد مدة التدخّل بين 2026 و2028 يستند إلى دراسة مالية مسبقة تراعي قدرة الصندوق، الذي يموّل سنويًا بحوالي 40 مليون دينار وتبلغ قدرته المركزة 100 ميغاواط سنة 2024.
وأثار النواب مسائل تعلقت أساسا بالقدرة المالية للصندوق، وهل يخضع هذا الامتياز لنظام التراخيص، وطبيعة المشاريع المشمولة، إضافة إلى استفسارات حول جاهزية البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، حيث لا يتجاوز عدد نقاط الشحن 250 نقطة حاليًا. وأكّد النواب الحاجة إلى رؤية وطنية واضحة للانتقال الطاقي وإلى ضبط هامش 3.5% المعتمد من قبل البنوك، مع المطالبة باستثناء صريح لنظام التراخيص عند الاقتضاء.
وفي هذا الإطار بين كاتب الدولة أنّ تطوير البنية التحتية سيتم عبر كراسات شروط جاهزة، وأن التوسيع سيشمل تدريجيًا سيارات الأجرة مستقبلًا بما يدعم الاقتصاد ويقلّص استهلاك البنزين ويخفف الضغط على صندوق الدعم.
كما تم التطرّق الى الفصل 47 المتعلق بمراجعة المعاليم الديوانية المستوجبة بعنوان توريد اللاقطات الشمسية. وبيّن كاتب الدولة المكلف بالانتقال الطافي أنه طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل تخضع للمعاليم الديوانية بنسبة 30% وللأداء على القيمة المضافة بنسبة مخفضة (7%) عمليات توريد اللاقطات الشمسية المدرجة بعدد التعريفة الديوانية م 85.41. وأضاف انّه بهدف التشجيع على استعمال الطاقات البديلة ومزيد التحكم في كلفة إنتاج الكهرباء المتأتي من الطاقة الشمسية ولتركيز محطات توليد الكهرباء المتأتي من الطاقة الفولطاضوئية يقترح التخفيض في نسبة المعاليم الديوانية من 30% إلى 15%. موضحا أن هذا الإجراء سيمكّن من تخفيف كلفة إنتاج الكهرباء وبالتالي المساهمة في الترفيع في القدرة التنافسية للمنتوج الصناعي التونسي والتقليص من العجز الطاقي.
كما أوضح أنّ الصناعة المحلية تتمتع بعدّة امتيازات ديوانية وأن جودة المنتوج المحلي مراقبة بانتظام، مؤكّدًا ضرورة إيجاد توازن بين حماية الصناعة الوطنية وضمان جودة المنتوج وتخفيض كلفة الاستثمار. وتولى تقديم معطيات تفيد بوجود 300 شركة في تركيب الأنظمة الشمسية مقابل 3 فقط في التصنيع، مما يعكس محدودية القدرات التصنيعية الحالية.
من جهتهم، أعرب النواب عن مخاوف تتعلق بتكرار الإجراء سنويًا بما يخلق ضبابية للمستثمرين، إضافة إلى غياب وضوح حول نسبة الإدماج المحلي والقيمة المضافة الحقيقية في ظل توريد أغلب المدخلات. كما طُرحت أسئلة حول جودة المنتجات الموردة، والكلفة المالية على ميزانية الدولة، وعدد الشركات الناشطة فعليًا في القطاع.
وبيّن كاتب الدولة أنّ تكلفة توريد اللاقطات بلغت 75 مليون دينار خلال الثمانية أشهر الأولى من السنة، وأن التخفيض إلى 15% سيقلّص الكلفة بحوالي 13 مليون دينار، وهو ما يدعم الاستثمار ويواكب أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي.
وخلال التداول حول الفصل 48 المتعلق بتخفيف جباية المدخلات الضرورية لتصنيع بطاريات الليثيوم، بيّن كاتب الدولة أنه في إطار الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي والمساهمة في برنامج تطوير النقل الكهربائي في تونس وبهدف تعزيز الاعتماد على الطاقات النظيفة، تسعى تونس إلى التشجيع على الاستثمار في صناعة بطاريات الليثيوم باعتبارها صناعة ذات قيمة مضافة عالية. وعلى هذا الأساس، تمّ إعفاء مدخلات بطاريات الليثيوم من المعاليم الديوانية وتخفيض نسبة الأداء على القيمة المضافة من 19% إلى 7% ممّا سيؤدي إلى التخفيض في كلفة الإنتاج ودعم قدرة المؤسسات الصناعية على المنافسة محليًا ودوليًا، إضافة إلى تهيئة الأرضية وتطوير البنية التحتية اللازمة لدفع الاستثمار في الصناعات الطاقية.
وأثار النواب استفسارات حول سبب اقتصار الامتياز على عدد محدود من المدخلات، وعدم تعميمه على جميع المدخلات الصناعية التي يمكن أن تساهم في تعزيز الإنتاج المحلي. كما تساءلوا عن الكلفة المالية للإجراء على الميزانية وعن إمكانية منح إعفاءات إضافية من الأداء البيئي وصندوق القدرة التنافسية. وتقدم أحد النواب بمقترح تعديل يتضمن إضافة مخرجات أخرى ضرورية لتصنيع بطاريات الليثيوم .
وفي تفاعله بين كاتب الدولة أن الامتياز المقترح يتعلق بالمدخلات ولا بالمؤسسات نفسها، موضحا أنه إجراء يوازي الدعم الممنوح لمصنّعي اللاقطات الشمسية، ولا يتعارض مع التوجه العام لتعزيز الصناعات الطاقية المحلية، مع توفير الأرضية الملائمة وتطوير البنية التحتية لإطلاق صناعات استراتيجية جديدة.
اما بخصوص الفصل 49 المتعلق بتخفيف جباية العربات السيارة المجهزة بمحرك حراري وبمحرك كهربائي قابل للشحن وأجهزة شحن السيارات، فقد أوضح كاتب الدولة أنّ الإجراء يهدف إلى تحفيز استعمال السيارات الكهربائية والهجينة القابلة للشحن ضمن برنامج تطوير النقل الكهربائي، من خلال سلسلة من الحوافز تضمنتها قوانين المالية 2022–2024، تشمل التخفيض في المعاليم الديوانية والمعلوم على الاستهلاك والأداء على القيمة المضافة، بالإضافة إلى التخفيضات على أجهزة الشحن، والسيارات والحافلات والشاحنات، ومعاليم التسجيل ورخص النقل مع التركيز على السيارات الهجينة ذات المحركات الصغيرة والمتوسطة (1700–2100 صم³) لتقليص الاستهلاك المرتفع للمحروقات والحد من النفقات الجبائية.
كما أوضح أن الدراسات المنجزة خلال الفترة 2018–2024 بينت أنّ السيارات الهجينة غير القابلة للشحن استفادت من امتيازات جبائية ضخمة، مما دفع إلى إعادة توجيه الدعم نحو الفئات الأقل استهلاكًا والأكثر نجاعة بيئية.
وأكّد النواب ضرورة مراعاة الخصوصيات التقنية والاقتصادية للسيارات، وعمر البطاريات، ومدى توفر البنية التحتية لشحنها قبل منح الامتيازات.
وأكد كاتب الدولة بأن التوجه العام يقوم على كهربة الاستعمالات لتحقيق نسبة 35% بحلول 2030، مع دعم أجهزة الشحن لتشجيع المؤسسات المحلية والناشئة، ومنح المنشآت العمومية 10 آلاف دينار لكل سيارة كهربائية، إضافة إلى تنظيم خدمات الشحن عبر كراسات شروط لضمان الجودة والنجاعة. وهو إجراء ناجع سيمكن من الحد من واردات السيارات الهجينة ذات الاستهلاك المرتفع للمحروقات وبالتالي التخفيض في النفقات الجبائية للدولة والتشجيع على اقتناء واستعمال العربات ذات المحركات الصغيرة والمتوسطّة الحجم المقتصدة للطاقة.و تمت الموافقة على الفصل 46 و49 وتأجيل التصويت على الفصل 48 وتم رفض الفصل 47.
وانتقلت اللجنة اثر ذلك للتداول حول المحور السابع المتعلق بالإصلاح الجبائي ورقمنة الخدمات، حيث ناقشت العنوان الأول المخصص للإصلاح الجبائي . وتولى ممثلو الوزارة توضيح الفصل 50 المتعلّق بمزيد تدعيم العدالة الجبائية بين الأفراد، وبيّنوا أن الهدف من هذا الإجراء هو دعم المجهود التضامني لتمويل ميزانية الدولة في إطار تكريس العدالة الجبائية، ويقترح توسيع مجال تطبيق الضريبة على الثروة باعتماد نظام الضريبة التصاعدية تشمل جميع المكاسب بما فيها الأملاك العقارية والمنقولات بجميع أنواعها كالأموال وسندات القيم المنقولة مع استثناء المسكن الرئيسي للمطالب بالضريبة وكذلك الأثاث المستغل به والعقارات المخصصة للاستعمال المهني والأصول التجارية المستغلة فعليا. و العربات غير النفعية التي تساوي أو تقل قوتها الجبائية عن اثني عشرة خيلا.
وبيّنوا في هذا الخصوص أنّ هذه الضريبة سيتم احتسابها بنسبة: 0.5% بالنسبة إلى الأملاك التي تتراوح قيمتها بين 3 مليون دينار و5 مليون دينار وبنسبة 1 % بالنسبة إلى الأملاك التي تفوق قيمتها 5 مليون دينار وأوضحوا أن هذا النموذج معمول به في العديد من التجارب الدولية.
وكان هذا الإجراء موضوع نقاش مستفيض بين النواب عبّر من خلاله عن جملة من التحفظات والانتقادات الجوهرية، أبرزها غياب دراسة جدوى واضحة للمردودية المالية للإجراء وعدم قدرة الإدارة لوجستيا على ضبط وتقييم ممتلكات القطاع الخاص بدقة. وأعربوا عن مخاوفهم من الآثار الاقتصادية السلبية المرتقبة، حيث قد يؤدّي الإجراء إلى عرقلة الاستثمار المحلي والأجنبي، وتشجيع تهريب رؤوس الأموال، وإضعاف حوافز الادخار. كما اقترحوا بديلاً يتمثل في فرض الضريبة على الأرباح بدلاً من رأس المال، مع الدعوة إلى جعلها إجراءً استثنائياً ومؤقتاً وليس سياسة دائمة.
و في تفاعلهم بين ممثلو الوزارة أن منهجية الإجراء المقترح تركز على العناصر القابلة للتقويم مثل العقارات المدرة للدخل وتستثني العديد من المنقولات. كما أشاروا إلى إجراءات موازية تهدف إلى مكافحة التهرب الجبائي وإدماج القطاع الموازي، مما يعزّز موارد الدولة بشكل مستدام. وبذلك، يبقى التوازن بين تحقيق العدالة الضريبية والحفاظ على مناخ استثماري إيجابي هو التحدي الرئيسي الذي ينتظر حلولاً عملية.
واقترح النواب تعديلات في الفصل تقضي بتعديل في قيمة الأملاك موضوع التوظيف بإقتراح 0.5 % بالنسبة إلى المكاسب التي تتراوح قيمتها بين 2 مليون دينار و3 مليون دينار، و1 % بالنسبة إلى المكاسب التي تفوق قيمتها 3 مليون دينار. كما تم اقتراح استثناء من مجال تطبيق الفصل الأموال المودعة بالبنوك وبالمؤسسات المالية أو بالبريد التونسي وسندات القيم المنقولة ورؤوس الأموال .
ولم يتم قبول الفصل في صيغته المعدلة من قبل أعضاء لجنة المالية لمجلس نواب الشعب، في حين تمّ قبوله من قبل أعضاء لجنة المالية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم.
ومثلت نتيجة التصويت موضوع النقاش بين أعضاء اللجنتين إذ تمسك أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم بضرورة إدراج الفصل 50 بالصيغة المعدلة للجنة حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 والتي سبتم اعتمادها في الجلسة العامة وهو رأي لم يحظ بالتوافق.
وواصلت لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب أعمالها، وناقشت الفصل 51 المتعلق بمراجعة قاعدة احتساب المعلوم مقابل إسداء خدمة إجراء التسجيل، والفصل 52 المتعلق بالترفيع في المعلوم على نقل ومقاسمة العقارات غير المرسمة بالسجل العقاري، والفصل 54 المتعلق بمراجعة الآجال القاطعة للتقادم في المادة الديوانية، والفصل 55 المتعلق بتيسير الإجراءات الإدارية بالنسبة إلى التونسيين غير المقيمين بالبلاد التونسية.
وتمّت الموافقة على هذه الفصول، وتأجيل الحسم في الفصل 53 المتعلق بتسوية وضعية المنقولات المحجوزة لدى مصالح الديوانة لمزيد تقديم توضيحات حول طبيعة المنقولات المشمولة بالإجراء وللنظر في إمكانية مراجعة أجال الانتفاع بالتسوية المقترحة.

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى