لجنة المالية والميزانية تستمع إلى ممثلين عن وزارة المالية حول عدد من مقترحات القوانين

استمعت لجنة المالية والميزانية خلال جلستها يوم الاربعاء 16 جويلية 2025 إلى ممثلين عن وزارة المالية حول مقترحات قوانين تتعلق بتسوية مخالفات الصرف، وبإتمام مجلة التأمين الصادرة بمقتضى القانون عدد 24 لسنة 1992 المؤرخ في 9 مارس 1992 ، وبتسوية الديون الفلاحية المتعثرة.
وبيّن ممثلو الوزارة بخصوص مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف، أنه يتضمّن جزء يتعلق بتسوية المخالفات الصرفية وهي إجراءات ظرفية، وجزء يتعلق بتمكين المقيمين من فتح حسابات بالعملة وهو إجراء تشريعي غير محدد في الزمن. وذكّروا بارتباطه الوثيق بالقانون عدد 41 لسنة 2007 المؤرخ في 25 جوان 2007 المتعلق بسن عفو عن مخالفات الصرف والجباية.
وأفادوا أنّ المقترح يرتبط بمراجعة مجلة الصرف، التي لا تزال في مرحلة التطوير من قبل الوزارات والهياكل المعنية. كما تساءلوا عن مدى جدوى عرض المقترح في هذا التوقيت بالذات، خاصة في ظل خضوع المنظومة التونسية في مجال الصرف إلى عملية تقييم من قبل مجموعة العمل المالي GAFI)). وبخصوص العنصر الثاني من المقترح، أشاروا الى منشور البنك المركزي المتعلق بفتح الحساب بالعملة من قبل المقيمين. وأشار المتدخلون إلى أن المقترح قد ينطوي على مخاطر تتعلّق بارتفاع المضاربات، مما قد ينعكس سلبًا على قيمة الدينار ومخزون العملة الأجنبية. كما اعتبروا أنه من الأنسب أن يتم تأطير المقترح ضمن أحكام مجلة الصرف، مشيرين إلى أنّ شروط فتح الحسابات المعنية لا تزال غير واضحة.
كما بيّنوا أن المقترح قد يثير صعوبات على مستوى التطبيق، نظرًا لوجود إشكاليات في تحديد الأشخاص الطبيعيين المعنيين بعملية التسوية، فضلا عن أنّ المخالفات قد ترتكبها الشركات وليس الأفراد. وأضافوا أن مجال تطبيق المقترح غير واضح، حيث لم يشمل عديد المخالفات الصرفية، من بينها المعاملات بين المقيمين وغير المقيمين، وهو ما يطرح إشكاليات على مستوى الشمولية والدقة في ضبط أحكام المقترح. وطرحوا إشكالية كيفية تقييم المكاسب المتأتية من الخارج قبل الشروع في إجراءات التسوية، فضلا عن صعوبة مراقبة عمليات فتح الحسابات بالعملة من قبل المقيمين، نظرا لما قد تسببه من تأثيرات سلبية محتملة على عمليات التوريد والتهريب وغيرها من الممارسات غير القانونية.
وخلال النقاش، تطرق النواب إلى مسألة عدم إحالة مشروع مجلة الصرف على أنظار المجلس إلى حد الآن. ودعوا إلى ضرورة توفّر الإرادة السياسية لإصلاح المنظومة الصرفية ومساهمة كل الأطراف في تطوير هذا المقترح، وأكّدوا أهمية المراجعة الشاملة لهذه المنظومة بما ينسجم مع المتغيرات الاقتصادية والالتزامات الدولية لتونس.
وفي ردودهم، بيّن ممثلو الوزارة أن هناك إرادة حقيقية للإصلاح وتطوير المنظومة التشريعية، مؤكّدين الانسجام بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية. كما جدّدوا التنبيه إلى وجود مخاوف مشروعة من الناحية الفنية، خاصة فيما يتعلّق بإمكانية تنامي المضاربة بالعملة وتأثير ذلك على قيمة الدينار.
وأضافوا أنّ الآثار السلبية المحتملة الناجمة عن فتح الحسابات بالعملة قد تمتد لتشمل تجاوزات وممارسات غير قانونية أخرى. وشدّدوا على حرص مختلف الأطراف المتدخّلة على إصدار مجلة الصرف، نظرًا لدورها المحوري في تسهيل عمل عدد من الهياكل، من بينها مصالح الديوانة.
وبالنسبة للمقترح المتعلق بتسوية الديون الفلاحية المتعثرة، بيّن ممثلو وزارة المالية أنّ القطاع الفلاحي وبالنظر لأهميته تمتع بعديد الإجراءات قصد التخفيف في المديونية المرتبطة به. وأفادوا أنّ البنوك العمومية تتولى ضبط سياسة استخلاص تأخذ بعين الاعتبار وضعية المؤسسة المدينة وكذلك قطاع النشاط وطور التقاضي والضمانات الممنوحة.
وخلال النقاش، عبّر النواب عن تفاعلهم مع ما قدّمه ممثلو وزارة المالية، وجدّدوا تأكيد التزامهم بمساندة الفلاحين وبلورة حلول عملية لفائدتهم بحكم دورهم المحوري في تحقيق الأمن الغذائي الوطني وفي استقرار السكان بمناطقهم الأصلية. واعتبروا أنّ المقترح سيمكّن من إيجاد حلول عملية للحد من تدهور أوضاع القطاع الفلاحي وتعكّر الوضع المالي للفلاحين وعدم قدرتهم على سداد القروض البنكية في آجالها.
وفي ردودهم، تعرض ممثلو الوزارة إلى الإجراءات التي تمّ اتخاذها لمجابهة مديونية عديد المؤسسات الناشطة في المجال الفلاحي على غرار معاصر زيت الزيتون. واعتبروا أنّ الإجراءات التي ترتبط بموارد الدولة وتكاليفها يجب تضمينها بمشروع قانون المالية. ودعوا إلى تحديد الفئات والشرائح المستهدفة من هذا المقترح بشكل واضح.
وفيما يتعلق بمقترح القانون المتعلق بإتمام مجلة التأمين الصادرة بمقتضى القانون عدد 24 لسنة 1992 المؤرخ في 9 مارس 1992، بيّنت رئيسة الهيئة العامة للتأمين أن هناك عديد الإشكاليات تمت معالجتها بالفصل 18 من قانون المالية لسنة 2025 ، إضافة الى توسيع مجالات تدخله وموارده وتمكينه من أن يكون طرفا في القضايا. واعتبرت أنّه يجب تنقيح الفصل المذكور لتفادي تعارضه مع القانون الأساسي للميزانية. وقدّمت ملاحظات جوهرية لخّصتها في مخالفة أحكام الفصل 23 من الدستور والأمر عدد 1224 لسنة 2006 المتعلق بضبط البيانات والأمثلة الوجوبية التي يجب أن يتضمّنها محضر البحث وكذلك معارضته للفصل 129 مكرر من أحكام مجلة الالتزامات والعقود وأحكام مجلة التأمين والمبادئ العامة للقانون والصياغة القانونية ومع شروط القضاء المستعجل.
كما اعتبرت أن هذه المبادرة ستثقل كاهل الصندوق بمصاريف تقاضي لا موجب قانوني ولا واقعي لها. واشارت إلى وجود انعكاسات على التوازنات المالية للصندوق إضافة إلى غياب اقتراحات لموارد جديدة أو تصوّرات لتمويل النفقات الإضافية التي ستنجر عن توسيع مجال تدخل الصندوق وكذلك تداعيات سلبية على منظومة التسوية الصلحية.
وأثار النواب عدّة ملاحظات تفاعلت معها رئيسة الهيئة، وطلبوا تعديل النص وتجويده في اتجاه تطوير المقترح. كما تطرّقوا إلى عدد من الإشكاليات المرتبطة بعقود التأمين وبشركات التأمين وتحسين جودة الخدمات المسداة.

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى