في إطار مواصلة النظر في مقترحي القانونين عدد 15/2023 و 28/2023 المتعلقين بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية وبعض أحكامها، عقدت لجنة التشريع العام جلسة يوم الخميس 07 مارس 2024 خُصّصت للاستماع الى ممثلي وزارة العدل ورئاسة الحكومة وممثلي محكمة المحاسبات.
وفي تدخّله أكّد ممثل وزارة العدل أن مسألة الشيك دون رصيد هي مسألة ذات أولوية باعتبارها تتعلّق بعديد الجوانب منها الاقتصادي والاجتماعي والقضائي والاستثماري. وأشار الى أن التأخير في إحالة مشروع القانون يعود الى ضرورة تعديله في إطار مقاربة شاملة تعتمد على معطيات اقتصادية واجتماعية وقانونية دقيقة وعلمية. وأضاف ان التنقيح لم يقتصر على الفصل 411 بل يمثّل مراجعة شاملة لعدد من فصول المجلة التجارية المتعلقة بأحكام الشيك دون رصيد، وهو ما استوجب دراسة معمّقة للموضوع من مختلف جوانبه انطلاق من إحصائيات وبيانات دقيقة.
وأضاف أن مشروع القانون تضمّن أحكاما تتعلق بمنظومة جديدة للتعامل بالشيك ومعالجة للمنظومة الحالية من حيث تسوية وضعية المحكوم عليهم ومن هم محلّ تتبعات.
وثمّن المبادرة التشريعية المقدّمة من قبل عدد من النواب والمتعلقة بعفو عام ، مشيرا في المقابل الى إقتصارها على جزء من مشروع القانون الذي تمّ إعداده، ولا تأخذ بعين الاعتبار حق الدائن على عكس مشروع القانون الذي اعتمد مبدأ التدرج لتوفير الضمانات الكافية لخلاص الدين والذي سعى لتحقيق الموازنة بين حرية المدين من جهة وحق الدائن في استخلاص دينه من جهة أخرى ، هذا فضلا عن تضمنه عدّة أحكام أخرى تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المعاملات والتركيز على تدعيم واجبات ومسؤولية المؤسسات البنكية والمالية وتطوير المعاملات المالية بواسطة الشيك.
كما ذكّر بأنه تمّ تقديم مشروع القانون الى رئيس الجمهورية، وسيقع التداول فيه في أقرب الآجال في مجلس الوزراء قبل عرضه على مجلس نواب الشعب.
وفيما يتعلّق بمقترحي القانونين المعروضين المتعلقين بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ، أكّد أن هذا التنقيح يعدّ مسألة ذات أولوية تتصل بإصلاحات تشريعية جذرية وبتحقيق الموازنة بين أهداف السياسة الجزائية في مكافحة الفساد الإداري والمالي من ناحية، وتحقيق نجاعة العمل الإداري من ناحية اخرى.
وأوضح أن الفصل 96 طرح عديد الاشكاليات على المستوى القضائي باعتبار غموض عديد المفاهيم التي تضمّنها.
وأفاد ان وزارة العدل شرعت منذ مارس 2022 في إعداد مشروع قانون يتعلق بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية، وأحالته إلى رئاسة الحكومة وتمّ عرضه على العديد من مجالس الوزراء حيث تطلب العديد من التعديلات والمراجعات . وأوضح أن مقترحي القانونين يعدّان إحدى صيغ مشروع القانون التي تمّ تناولها وعرضت على مجلس وزاري سابق و تطلبت تعديلا ومراجعة في ما بعد.
وتقدّم بجملة من الملاحظات حول مقترحي القانونين مؤكدا ضرورة التريث في تعديل الفصل 96 المذكور والنظر فيه بكل عمق.
ومن جهتهم ثمّن ممثلو محكمة المحاسبات المبادرتين المتعلقتين بتعديل بعض أحكام المجلة الجزائية وخاصة الفصل 96 لما يشوب هذا الفصل من غموض في تحديد الأفعال الموجبة للتتبع والعقوبة. وأشاروا إلى أن تنقيح الفصل 96 المقترح، يهدف إلى ضمان محاسبة المتورطين في الفساد الإداري والمالي دون أن يؤدي ذلك إلى القضاء على روح المبادرة لدى المتصرف العمومي وبالتالي عرقلة عمل الإدارة التي يفترض أن تكون محركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحصر تتبع العون العمومي في الأخطاء الجسيمة التي يمكن أن تُصنّف كشبهات جزائية، ويتفادى بالتالي التتبعات التي قد تحدث إرباكا للمتصرف العمومي وتضرّ بصورة الهيكل العمومي لدى الرأي العام.
كما ثمّنوا ثقة جهة المبادرة في محكمة المحاسبات، لما راكمته من خبرة ودراية بواقع التصرف العمومي، بحكم موقعها كقضاء مالي وجهاز أعلى للرقابة المالية والمحاسبة في تونس.
وقدّموا جملة من الملاحظات والمقترحات لضمان تحقيق الأهداف المرجوّة من التعديل المقترح، وتناغمه مع المنظومة القانونية السائدة، وتفاديا للإشكاليات التطبيقية المحتملة.
وأكّدوا ضرورة مزيد تعميق النظر في تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية قصد توفير إطار قانوني متكامل يعنى بالحفاظ على المال العام وزجر المخالفات والجرائم المرتكبة في إطاره، ويوضح بصفة دقيقة تقاطع الاختصاصات بين الجهات المتدخلة والتعاون بينها ويؤهّل محكمة المحاسبات مع مراعاة خصوصياتها كقضاء مالي للقيام بالدور الموكول لها في هذا الإطار.
وفي تفاعلهم عبّر أعضاء اللجنة وممثلو النواب المبادرين بمقترحي القانونين عن انفتاحهم على كل الملاحظات والمقترحات الصادرة سواء عن وزارة العدل ورئاسة الحكومة او محكمة المحاسبات.
ودعوا الوظيفة التنفيدية الى مزيد التنسيق والعمل المشترك بهدف صياغة نصّ شامل ومتكامل يضمن تحقيق الموازنة بين أهداف السياسة الجزائية في مكافحة الفساد الاداري والمالي من جهة، وعدم عرقلة العمل الاداري وتحقيق نجاعته من جهة أخرى