في اطار مواصلة النظر في مقترح القانون الأساسي المتعلق بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية عقدت لجنة الصحة وشؤون المرأة والاسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة جلسة اليوم الخميس 15 فيفري 2024 خصصت الجزء الأول منها للاستماع الى الدكتور رياض بوقديدة كاهية مدير الوحدات الصحية الأساسية بإدارة مصالح الصحة بوزارة الداخلية، والثاني للاستماع الى السيد نادر العجّابي مدير عام الضمان الاجتماعي الذي كان مرفوقا بثلة من الإطارات السامية لوزارة الشؤون الاجتماعية.
وفي مستهل الجلسة ذكر رئيس اللجنة بالإطار العام الذي يندرج فيه مقترح القانون والهادف إلى إرساء إطار قانوني خاص يتعلق بحقوق المرضى وآليات الوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالعلاج وبنظام المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة. وبين أنّ الإطار القانوني الحالي للمسؤولية هو إطار عام لا يتماشى مع خصوصية وطبيعة الأعمال والأنشطة الّتي يقوم بها مهنيّو الصحّة وذلك خلافا لما تمّ إقراره على مستوى عدّة أنظمة قانونيّة مقارنة من إفراد للمسؤوليّة الطبيّة بنصوص خاصّة.
وفي تدخله أكد ممثل وزارة الداخلية ان ضبط الحقوق الأساسيّة للمرضى يجب ان يرافقه تكريس منظومة وقائيّة لتأمين سلامة المرضى وجودة العلاج والحدّ من الأضرار المرتبطة به في إطار استراتيجية وطنية للوقاية من المخاطر تضمن تحسين جودة الخدمات الصحيّة بما يستوجب انخراط الهياكل والمؤسّسات الصحيّة العمومية في منظومة الاعتماد والتقييم والاستجابة للمعايير الخاصة بجودة الخدمات.
وبين أنّ الهيئة الوطنية للتقييم والاعتماد في المجال الصحي تعتبر ركنا أساسيا في مقترح القانون باعتبارها الهيكل الراجع له بالنظر إعداد الأدلة والمراجع الخاصة باعتماد الهياكل الصحية العمومية. واشار في ذات السياق الى تدهور البنية الأساسية للمؤسسات العمومية بما أثر على جودة الخدمات الطبية،مضيفا ان ان مقترح القانون يجب أن يعادل بين الخدمة الطبية المقدمة والظروف التي يعمل الطبيب في إطارها.
كما أكد أهمية مقترح القانون باعتباره يضمن حق المواطن في التمتع بخدمات طبية في المستوى ويضمن في الان نفسه حقه في الحصول على التعويض في صورة حصول ضرر له.
وحول تنصيص مقترح القانون على اجبارية عقود التامين بالنسبة للمؤسسات الصحية العمومية أشار الى ضرورة التفكير في الكلفة المالية لهذه العقود وتداعياتها على ميزانية وزارة الصحة من جهة، والتفكير في تحديد نسب الاستخلاص من قبل السلطة الترتيبية حسب الاختصاص ودرجة المخاطر من جهة أخرى. كما تقدم بجملة من مقترحات التعديل تتعلق بفصول مقترح القانون.
وخلال جلسة الاستماع الى ممثلي وزارة الشؤون الاجتماعية ثمّن المدير العام للضمان الاجتماعي مبادرة اللجنة بإتاحة الفرصة للوزارة بتقديم ملاحظاتها بخصوص مقترح قانون على غاية من الأهمية باعتبار أن هذه الوزارة هي سلطة إشراف على الصندوق الوطني للتأمين على المرض كما أنها تعنى مباشرة بصحة منظوريها من المضمونين الاجتماعيين عبر عدد من الهياكل الصحية وأهمها مصحات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
كما بيّن في نفس السياق أن إصدار قانون خاص بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية من شأنه الدفع في اتجاه التسريع في تأهيل القطاع الصحي العمومي وتحسين خدماته باعتبار أن ذلك شرط أساسي لا يتسنّى بدونه ضمان حقوق المرضى التي ينص عليها مقترح القانون المعروض ولا محاسبة مهني الصحة المطالب ببذل ما يجب من العناية باستعمال ما أتيح له من وسائل وإمكانيات.
كما تقدّم بالاشتراك مع المديرة العامة للشؤون القانونية والنزاعات بالوزارة والمديرة المركزية للشؤون القانونية بالصندوق الوطني للتأمين على المرض عدة ملاحظات ومقترحات تعديل تراها الوزارة ضرورية لتجويد النص المقترح وجعله قانونا عمليا يسهل تطبيقه على أرض الواقع، ومن ذلك ضرورة التنصيص صراحة على انطباقه على مصحات الضمان الاجتماعي باعتبار أن الطبيعة القانونية الخاصة لهذه الهياكل قد تجعلها خارج مجال انطباق النص المعروض في صيغته الحالية.
كما أكّد بأن حصر الجهة المكلفة بالتعويض في شركات التأمين هو خيار وجيه لكن وجب الانتباه إلى أنه قد يصطدم عند التطبيق ببعض العوائق الإجرائية باعتبار أن الإمكانيات المادية المتواضعة لأغلب المؤسسات الصحية العمومية قد لا تسمح لهذه الأخيرة باكتتاب عقود تأمين أو بخلاص أقساط التأمين المستوجبة لا سيما إذا بقيت هذه العقود خاضعة لقانون السوق إذ من المرجح أن تشترط شركات التأمين مبالغ كبيرة بالنظر لاهتراء البنية التحتية للكثير من الهياكل الصحية العمومية وعدم حصول معظمها على شهادات الاعتماد المطلوبة. واضاف ان اكتتاب هذه العقود يخضع في ظل القانون الحالي إلى الصفقات العمومية لإجراءات طويلة ومعقدة.
وفي ختام الجلسة توجه النواب لممثلي الوزارة ببعض التساؤلات على ضوء ما قدّم للجنة من مقترحات وملاحظات من قبل عدة أطراف معنية بالقطاع الصحي في جلسات استماع سابقة. وقد تعهد المتدخلون بدراستها وإمداد اللجنة كتابيا بموقف وزارة الشؤون الاجتماعية منها في أقرب الآجال