انعقدت صباح اليوم الاثنين 4 ديسمبر 2023 بقصر باردو جلسة عمل بين وفد من مجلس نواب الشعب ضمّ السيد عز الدين التايب، نائب مساعد الرئيس المكلف بالعلاقات الخارجية والتونسيين بالخارج والهجرة، والسيد حسام محجوب، نائب مساعد الرئيس المكلف بشؤون التشريع، واعضاء مكتبي لجنتي التشريع العام والحقوق والحريات، من جهة، ووفد من مجلس أوروبا ضم السيد Toni Pavloski مساعد رئيسة مكتب مجلس أوروبا بتونس، والسيدتان Denise Mazzolani رئيسة مكتب برنامج الجنوب السيبرني ببوخارست التابع لمجلس أوروبا، ونرجس تيرا مكلّفة ببرنامج الجنوب السيبرني ببوخارست، من جهة أخرى.
وتنعقد هذه جلسة العمل في إطار مسار اتفاقية بودابست لمحاربة الجريمة الالكترونية وكيفية ملاءمة بعض التشريعات التونسية مع مقتضيات هذه الاتفاقية، ودور مجلس نواب الشعب في ذلك، لا سيما وأن اخر اجل لاستكمال الإجراءات القانونية لانضمام تونس الى هذه الاتفاقية هو يوم 7 فيفري 2024.
وثمّن أعضاء الوفد التونسي خلال هذا اللقاء مستوى التعاون بين تونس ومجلس أوروبا في مختلف المجالات، مؤكّدين وفاء تونس لتعهداتها والتزاماتها مع جميع البلدان والمنظمات بما يخدم المصالح المشتركة ويتماشى مع المبادئ العامة لدستور 25جويلية 2022 ومع سيادة تونس. وذكروا في هذا السياق بالحملة الوطنية الواسعة النطاق التي شرعت فيها تونس لمحاربة الفساد والتصدي لكل أشكال الجريمة المنظمة منها السيبرنية، مبرزين استعدادها للتعامل مع كل الاطراف الفاعلة من أجل المضي في هذا التحدي مع مراعاة الخصوصية التونسية.
وأكّدوا انخراط مجلس نواب الشعب في خدمة هذا المسار ومقاومة الفساد، واسترداد ثقة المواطن في مؤسساته عبر سن التشريعات واجراء التعديلات اللازمة لبعض النصوص القانونية. واعتبروا أن تونس سبّاقة في سن قوانين تحفظ الحقوق والحريات وهي متماهية مع المواثيق والمعاهدات الدولية في هذا الشأن.
كما تساءل النواب عن ضمانات هذه الاتفاقية بخصوص تبادل المعلومات حول الجرائم الالكترونية، وعن كيفية التعامل مع البلدان الأوروبية ودول الجنوب على حد السواء بخصوص التشريعات التي تتنافى مع الحقوق والحريات لا سيما حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي. واستشهدوا في هذا السياق بجملة التضييقات التي حدثت بخصوص حرية التعبير خلال الحرب على غزة وخاصة موجات التضليل التي اعتمدها الاعلام الغربي للترويج للسردية الإسرائيلية.
وشدّدوا على أهمية تدقيق المصطلحات المستعملة في هذه الاتفاقية لا سيما المتصلة بتعريف جرائم الإرهاب وحرية الاعلام، على غرار ما حصل في الحرب على غزة بتوصيف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب.
من جانبهم تطرق ممثلوا مجلس أوروبا الى خصوصية اتفاقية بودابست لمحاربة الجريمة الالكترونية وأبرز بنودها، مثمّنين المجهودات المبذولة في تونس لاستكمال مسار الانضمام الى هذه الاتفاقية ومكافحة الفساد والجرائم المنظمة لا سيما السيبيرنية العابرة للحدود وللقارات.
وأشاروا الى فحوى البروتوكول الإضافي الأول لـاتفاقية بودابست المتعلق بتجريم الأفعال ذات الطبيعة العنصرية وكراهية الأجانب، التي ترتكب باستعمال الأنظمة الالكترونية، والثاني الذي يهدف إلى تعزيز التعاون والكشف عن الأدلة بين الدول الأعضاء عبر آليات مستحدثة. وابرزوا اهداف هذا البروتوكول الرامية إلى تعزيز قدرات الفاعلين في مجال العدالة الجنائية في كل ما يتعلق بجمع الأدلة الإلكترونية والتعاون المباشر بين مزودي الخدمات وسلطات الدول الأطراف،
وشدّد ممثلو مجلس أوروبا على أهمية هذا البروتوكول على مستوى التبادل المعلوماتي بين البلدان. وأكّدوا ضرورة تكثيف الجهود بين كل الأطراف المتدخلة في تونس لمراجعة بعض النصوص التشريعية على غرار المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال لملاءمته مع مقتضيات الاتفاقية.
وأبرز أعضاء الوفد الأوروبي أهمية إزالة العراقيل التي تحول دون محاربة الجرائم السييرنية، وخاصة الجانب التشريعي، معتبرين أن مسار تنقيح التشريعات سيشمل جميع البلدان المنظمّة للاتفاقية مع مراعاة خصوصيات كل بلد.
ويذكر ان اتفاقية بودابست لمحاربة الجريمة الالكترونية تم اعتمادها "في لجنة الوزراء بـمجلس أوروبا في 8 نوفمبر 2001 وتهدف بالأساس الى تعزيز التعاون بين الدول في مجال الجريمة الالكترونية والكشف عن الأدلة الالكترونية التي تدين مرتكبيها.
كما ترمي إلى توحيد السياسة الجنائية للدول الأعضاء في مجال الجريمة المعلوماتية، وتسهل التنسيق بين مختلف السلطات الوطنية في مجال مكافحة الإجرام المعلوماتي والحد منه، وترسي قواعد إجرائية للتعاون الدولي تتميز بالسرعة والفاعلية والدقة