لجنة الصناعة والتجارة تعقد جلسة استماع حول مهمة الصناعة والمناجم والطاقة لسنة 2026

عقدت لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة، بالاشتراك مع لجنة القطاعات الإنتاجية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، يوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 جلسة استمعت خلالها إلى وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة في إطار مناقشة ميزانية مهمة الصناعة والمناجم والطاقة لسنة 2026، وذلك برئاسة كلّ من السيد شكري بن البحري والسيدة دلال اللموشي رئيسا اللجنتين، وبحضور السيد عمر بن عمر نائب رئيس اللجنة والسيدة مهى عامر مقررة اللجنة، وأعضاء اللجنة السيدة نور الهدى سبائطي والسادة عصام البحري الجابري ونبيل حامدي ومحمد علي فنيرة والطيب الطالبي ومحمد ماجدي وعبد الحليم بوسمة. بالإضافة إلى عدد من السادة النواب من غير أعضائها.
وفي مفتتح الجلسة أكّد رئيس اللجنة أهمية التواصل والتشاركية والعمل المشترك بين الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية من أجل ازدهار قطاعات الصناعة والمناجم والطاقة. وبيّن أنّ الاستماع إلى عرض الوزيرة في هذه الجلسة يكتسي أهمية نظرا لما سيحتويه من أرقام وبرامج ومعطيات غائبة في الوثيقة المتعلقة بمهمة الصناعة والمناجم والطاقة من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026.
وفي بداية مداخلتها بيّنت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة اضطلاع الوزارة بمهمة إعداد وتنفيذ السياسات العمومية القطاعية في مجالات الصناعة والمناجم والطاقة من أجل دعم القدرة التنافسية للقطاع الصناعي وتحسين مساهمته في التنمية الشاملة والمستدامة والنهوض بالاستثمار بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة وتحسين مناخ الأعمال، والعمل على تنمية الموارد الوطنية والاستغلال الأمثل للمحروقات والمناجم والنهوض بالطاقات المتجددة وضمان الانتقال الى منوال طاقي منخفض الكربون. وذلك في إطار الاستراتيجيات القطاعية التي تم ضبطها والمصادقة عليها من قبل الحكومة على غرار الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتجديد واستراتيجية قطاع الطاقة في أفق 2035.
واستعرضت أهم أولويات وزارة الصناعة والمناجم والطاقة والمتمثلة في دعم القدرة التنافسية للقطاع الصناعي والخدمات المتصلة بالصناعة والنهوض بالاستثمار في القطاع الصناعي ودعم ومواكبة وتطوير المؤسسات الصغرى والمتوسطة، إلى جانب دعم منظومة الفسفاط ومشتقاته وتشجيع بعث المشاريع المنجمية، إضافة إلى ضمان تزويد آمن ومنصف للجميع بالطاقة والسعي إلى تحقيق الأمن الطاقي.
وأوضحت الوزيرة أن قطاع الصناعة يُعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني بمساهمته في تخفيف العجز التجاري للبلاد من خلال تطوير الصادرات وتنويع المنتجات الوطنية وتعزيز قدرتها التنافسية وإحداث مواطن الشغل القارة والدائمة، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. مشيرة إلى أن النسيج الصناعي الوطنيّ يشمل حاليا 5000 مؤسّسة تشغل أكثر من 10 أشخاص، منها 45% مصدرة كليا، توفّر ما يقارب 523 ألف موطن شغل.
وأكّدت أن الوزارة تعمل على مزيد مرافقة هذه المؤسّسات ومتابعة نشاطها بما سيّمكّنُ من مزيد انخراطها في الاستراتيجيات الصناعيّة الوطنيّة من خلال منظومة متكاملة من الهياكل والبرامج والآليات. وأوضحت أن صادرات القطاع الصناعي شهدت تطورا بنسبة 2.5 % لتبلغ 42804.9 مليون دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025.
وبخصوص استرجاع النسق الطبيعي لقطاع الفسفاط والأسمدة من حيث الإنتاج الذي شهد خلال العشرية الفارطة تراجعا من جانب المردودية والفاعلية الاقتصادية بلغ أقل من 50 ℅ عما كان عليه في سنة 2011، بيّنت الوزيرة أنه تم ضبط منهجية عمل مترابطة بين جميع المتدخّلين في مجال إنتاج ونقل وتحويل الفسفاط وتوفير المياه الصّناعية داخل الحوض المنجمي.
وبهدف الحد من انبعاث الغازات الملوثة قدمت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة أهم الإجراءات المستعجلة التي قام المجمع الكيميائي باتخاذها على المدى القصير في مجال التأهيل البيئي على غرار برمجة جملة من المشاريع الاستثمارية تتعلق باستعمال تقنية الامتصاص المضاعف واسترجاع الحرارة في الوحدة الثانية لإنتاج الحامض الكبريتي، والحدّ من انبعاثات الغاز الدفين "N2O" من وحدة إنتاج الحامض النيتريكي بمعمل الأمونيتر.
كما تطرّقت الوزيرة إلى الإجراءات المتخذة على المدى المتوسط في إطار مشاريع التأهيل البيئي بالمجمع الكيميائي التونسي، وأشارت إلى مشروع ايقاف سكب مادة الفسفوجيبس في البحر وإنجاز مشروع النقل الهيدروليكي على غرار إنشاء موقع تخزين مراقب والعمل على التثمين الدائري لمادة الفسفوجيبس من خلال استخدامه في العديد من القطاعات، وأضافت أنه سيتم العمل على تجديد شامل لوحدات إنتاج الحامض الكبريتي بوحدات جديدة ذات طاقة إنتاجية أعلى ومواصفات بيئية متطورة تتماشى مع المعايير الدولية.
وفي مجال قطاع الطاقة أشارت الوزيرة إلى الأهداف الرئيسية لاستراتيجية قطاع الطاقة في أفق 2035 والمتمثلة في تحسين الاستقلالية الطاقية والمساهمة في النمو الاقتصادي بنسبة 2% إلى جانب تخفيض كثافة الكربون بنسبة 4,6% سنويا وبلوغ نسبة لا تقل عن %35 في حصة الطاقات المتجددة من مزيج الطاقة الكهربائية سنة 2030 و50 % في افق 2035.
كما تطرقت إلى مختلف أنظمة انتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة المعتمدة في تونس والمتمثلة في نظام اللزمات ونظام التراخيص ونظام الإنتاج الذاتي، وأبرزت الامكانيات الوطنية من الطاقات المتجددة على غرار طاقة الرياح والطاقة الشمسية وأهم الإنجازات في نظام اللزمات ونظام التراخيص مشيرة إلى مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا "آلماد" الذي وهو مشروع استراتيجي للربط الكهربائي يهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين تونس وإيطاليا، وبشكل عام إلى دمج أسواق الكهرباء في شمال أفريقيا وأوروبا.
وفي تطرقها إلى الإصلاحات المبرمجة في مجال انتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة أكّدت الوزيرة أن الوزارة أعدت مشروع قانون، بعد التشاور مع مختلف المتدخلين، لإنشاء هيئة تعديلية مستقلة تضمن المساواة والشفافية وعدم التمييز في الولوج إلى شبكة نقل الكهرباء وتقوم بحل النزاعات بين مختلف المتدخلين في قطاع الكهرباء. كما تسعى الوزارة في إطار إعداد مشروع مجلة الطاقات المتجددة إلى دمج النصوص التشريعية الحالية المتعلقة بإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة وإلى إصلاح نظام تصدير الطاقة المتجددة وتطبيق النظام الضريبي ذي الصلة. وبينت أن البرنامج الوطني لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة سيمكن من تفادي توريد ما قيمته حوالي 3 مليار دينار من الغاز الطبيعي سنويا في افق 2030.
وفي إطار تنفيذ برنامج الانتقال الطاقي في المنشآت العمومية – TEEP أوضحت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة أن هذا البرنامج يهدف إلى تجهيز المؤسسات العمومية بمحطات شمسية فولطاضوئية للإنتاج الذاتي للكهرباء وانجاز عمليات للنجاعة الطاقية مما يمكّن هذه المؤسسات من خفض الطلب على الطاقة وترشيد النفقات. وأضافت أن تنفيذ هذا البرنامج يمتد خلال الفترة 2021-2025 ويتم تمويل مجمل العمليات المندرجة في إطاره من دراسات خصوصية واستثمارات مادية وغير مادية، عبر قروض خارجية موظّفة مسندة من قبل البنك الألماني للتنمية بالإضافة الى مساهمة صندوق الانتقال الطاقي.
وفي ختام عرضها أفادت الوزيرة أن مشروع ميزانية مهمة الصناعة والمناجم والطاقة بلغ 5.325.619 أ.د (332.619 أ.د دون دعم) مقابل 7.435.818 أ.د (323.818 أ.د دون دعم) سنة 2025، بنسبة تطوّر سلبية تُقدّر بـــــ - 28.37 %.
وخلال النقاش استعرض النواب عديد المشاغل من بينها غياب تركيز مناطق صناعية تدفع عجلة التنمية في مختلف الجهات وتساعد في تحسين عيش المواطنين. وطالبوا الوزارة باتخاذ إجراءات تشجع عملية الاستثمار وتجلب المستثمر التونسي والمستثمر الأجنبي. ودعوا إلى الرفع من نسبة الربط بالشبكة الوطنية للكهرباء والغاز كأحد مقومات العيش الكريم.
وأشار عدد من النواب إلى أن بعض المناطق الصناعية لا يمكن الوصول إليها وتفتقر إلى البنية التحتية التي تساعد المستثمر على بعث المشاريع. وأكّدوا أن البعض منها بقيت مهجورة وطالبوا الوزارة بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وإيجاد الحلول اللازمة.
كما تطرق النواب إلى تهرّب بعض المؤسسات من واجب المسؤولية المجتمعية نحو السكان في الجهات الداخلية في مجابهة التدهور البيئي الذي تسبب فيه نشاط هذه المؤسسات المخالف للمعايير البيئية والذي يهدّد حياة المواطن في هذه المناطق على غرار ولاية قابس والحوض المنجمي. وطالبوا الوزارة بالتدخل وممارسة الضغط على هذه المؤسسات المخالفة للوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية تُجاه المواطن في هذه الجهات.
وفي سياق آخر، أكد النواب ضرورة تطبيق القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة على المنشآت والمؤسسات الراجعة بالنظر إلى وزارة الصناعة والمناجم والطاقة ودعوا إلى ضرورة تسوية وضعية العمال الذين تعرّضوا للطرد من قبل هذه المؤسسات بعد صدور القانون المذكور. وعبّروا عن تضامنهم مع هؤلاء العمّال والسعي إلى ضمان العيش الكريم لهم ولعائلاتهم. كما اعتبروا أن لجوء بعض من هذه الشركات إلى توصيف عقود العمل لهؤلاء العمّال بعقود إسداء خدمات هو تلاعب بالقانون. وطالبوا من جهة أخرى ضرورة تحمّل الدولة للمسؤولية ممثلة في وزارة الصناعة والمناجم والطاقة وذلك بإدماج العمّال الذين طردوا من طرف بعض الشركات البترولية الأجنبية بالشركة التونسية للأنشطة البترولية ودراسة ملفاتهم حالة بحالة.
وفي إجابتها على مجمل المداخلات والتساؤلات، أفادت الوزيرة والإطارات المرافقة لها أن الوزارة تسعى إلى إيجاد الحلول اللازمة لكل الإشكالات التي تُعيق نهوض قطاع الصناعة وقطاع المناجم وقطاع الطاقة وذلك في إطار احترام القانون وإيفاء بالمسؤولية التي تضطلع بها الوزارة ومنعا للمساءلة فيما بعد.
وبخصوص الوضعية البيئية بولاية قابس أوضحوا أن الوزارة أعدت برامج مستعجلة وأخرى على المدى المتوسط والبعيد يهدف إلى تحسين الإنتاج واستجابته لمعايير احترام البيئة وحق المواطن في العيش في بيئة سليمة مؤكدين أن السيد رئيس الجمهورية يتابع هذا الملف عن كثب، وأن الموضوع سيدرس من كل جوانبه.
كما أكّدوا أن الوزارة تعمل على تطوير أساليب عملها عبر تشجيع الصناعة الذكية. وأوضحوا أن عمل الوزارة يعتمد على عديد من البرامج النموذجية التي يتمّ تعميمها في مرحلة لاحقة على غرار البرنامج الوطني الخاص بإدراج سيارات كهربائية بالمؤسسات العمومية، وهو برنامج وطني يتمثل في تنفيذ مشروع نموذجي من خلال مساعدة المؤسسات والمنشآت العمومية والجماعات العمومية المحلية على اقتناء سيارات كهربائية، وذلك عبر تمكين المؤسسات التي تعتزم اقتناء سيارة كهربائية من منحة مالية من صندوق الانتقال الطاقي، تساهم هذه المنحة في التقليص من كلفة السيارة الكهربائية. وسيتم تعميم هذا البرنامج على المؤسسات العمومية خلال سنوات 2026 و2028، مشيرين إلى أن هذا البرنامج سيمكن من تحقيق اقتصاد في الطاقة في حدود 7674 طن مكافئ نفط و43 مليون دينار طيلة مدة استغلال السيارات.
وعبّروا في الختام على استعداد الوزارة لتجسيم التشاركية في عمل الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية عبر عقد جلسات مشتركة لتدارس المواضيع ذات الاهتمام المشترك

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى