استأنفت الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أشغالها المتعلقة بمناقشة المهمات والمهمات الخاصة من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 بحضور العميد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب والسيد عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والاقاليم وأعضاء المجلسين.
وخُصّصت الجلسة العامة المنعقدة صباح اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 لمناقشة مهمة التجهيز والإسكان من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، وذلك بحضور السيّد صلاح الزواري وزير التجهيز والإسكان والوفد المرافق له.
وقد افتتح العميد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب أشغال هذه الجلسة بكلمة بيّن في مستهلها، ان وزارة التجهيز والإسكان تُعدّ من أهم الوزارات الأفقية التي تشرف على مجالات حيوية وتضطلع بمشمولات كبيرة ذات ارتباط مباشر ووثيق بمشاغل المواطن في جميع ربوع بلادنا على غرار مجال الجسور والطرقات ومجال السكن.
وأوضح أنّ الوزارة، بما يتبعها من مؤسّسات وهياكل، موكول لها تنفيذ سياسة الدولة في قطاع السكن وتكريس التوجّهات الرامية إلى المحافظة على الرصيد العقاري وتنميته، إلى جانب دورها الجوهري في حماية المدن من الفيضانات وفي إدارة ملفات التهيئة الترابية والتعمير.
وأشار العميد إبراهيم بودربالة إلى أنّ تطلّعات المواطن في الحصول على سكن لائق، يستوجب مراجعة المنظومة الحالية ووضع معايير جديدة مبسّطة تتماشى مع المقدرة الشرائية. كما شدّد على ضرورة اعتماد إجراءات واضحة تتعلق بالحصول على القروض ومدد سدادها، وإقرار آليات عملية تُمكّن أكبر عدد ممكن من العائلات التونسية من تملك مساكن بكلفة معقولة، فضلًا عن دراسة السبل الكفيلة بإرساء نظام الكراء المملّك وتطوير مساهمة الهياكل المتخصّصة في توفير المقاسم لفائدة العائلات متوسطة الدخل والفئات محدودة الدخل.
وفي سياق التحديات المستجدة ولاسيما تلك الناجمة عن التغيّرات المناخية، أبرز العميد إبراهيم بودربالة ضرورة القيام بالتدخلات المطلوبة لضمان حماية المدن والمناطق العمرانية من الفيضانات. وشدّد على أن هذا الجهد يجب أن يكون مشتركًا بين مختلف الهياكل المعنية، ضمن منظومة وطنية شاملة للحماية من الفيضانات تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كلّ الجهات بهدف حماية المواطن والمحافظة على ديمومة مكونات الوسط الحضري.
أمّا بخصوص تطوير الأداء واستحثاث نسق إنجاز المشاريع في مختلف المجالات الراجعة بالنظر للوزارة، فبيّن رئيس مجلس نواب الشعب أنّ الأولوية تتمثّل في معالجة العراقيل التي تتسبّب في تعطّل تنفيذ المشاريع وحلحلة الإشكاليات العالقة. كما دعا إلى الانطلاق في الإصلاحات المؤسساتية والتشريعية الضرورية، وفي مقدّمتها مراجعة مجلة التهيئة الترابية والتعمير، نظرًا لأهمية هذا القطاع في تحقيق تنمية شاملة ومندمجة للمدن ودوره المتنامي في تعزيز مناخ الاستثمار وتوفير مقوّمات جودة الحياة.
ثم تولّت كلّ من لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بمجلس نواب الشعب ولجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم تقديم التقرير الذي تمّ إعداده من طرفهما.
وتمّ إثر ذلك الشروع في النّقاش العام في جزئه الأوّل المتعلق بمداخلات أعضاء مجلس نواب الشعب، وتداول على رئاسة الجلسة نائبي رئيس مجلس نواب الشعب السيدة سوسن المبروك والسيد الأنور المرزوقي. وفي جزئه الثاني المتعلّق بمداخلات أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم برئاسة السيد عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وتناول النقاش المواضيع التالية:
• ضعف نسبة تطوّر ميزانية المهمّة مقارنة بجسامة التحديات، وخاصة ما يتعلّق باستكمال المشاريع المعطّلة والانطلاق في المشاريع الاستثمارية الجديدة.
• استياء من تردي البنية التحتية للطرقات نتيجة غياب الصيانة وتعطل أشغال بعض المشاريع الحيويّة.
• التساؤل عن برنامج السكن الاجتماعي وآليات تنفيذ مشروع الكراء المملّك.
• الدعوة إلى مراجعة قانون الصفقات العمومية بسبب التعقيدات التي عطّلت نسق الإنجاز.
• ضرورة مراجعة مجلة التهيئة الترابية والتعمير وإشراك الوظيفة التشريعية في مختلف مراحل إعدادها.
• إثارة إشكالية إزالة المساكن البدائية والتساؤل حول مدى تقدم برامج تهذيب الأحياء السكنية
• تأكيد أهمية حماية المدن من الفيضانات وضرورة إيجاد حلول ناجعة لتصريف مياه الأمطار بصفة استباقية.
• التنبيه إلى الارتفاع المشط في نسب الفائدة البنكية الخاصة بالقروض السكنية وتأثيرها السلبي على الفئات محدودة الدخل
• التساؤل عن مدى التزام الوزارة بتطبيق القانون المتعلّق بالبنايات المتداعية للسقوط ووتيرة إعداد نصوصه التطبيقية.
• المطالبة بتحسين التنوير العمومي في عدة مناطق.
• التساؤل حول سبل تثمين فواضل البناء وإمكانية استغلالها في إنجاز الطرقات.
• المطالبة بإنجاز المسالك الفلاحية والدعوة إلى تهيئتها بهدف فكّ العزلة ودعم تكافؤ الفرص بين الجهات.
• التساؤل عن خطة الوزارة في مجال السلامة المرورية، خاصة فيما يتعلق بمخفضات السرعة العشوائية ونقص علامات المرور.
• الدعوة إلى دعم الإدارات الجهوية للتجهيز والإسكان لوجستيًا وماليًا لتمكينها من الاستجابة لطلبات المواطنين وتحسين ظروف العيش.
• التطرّق إلى الصعوبات التي تواجهها شركات المقاولات العمومية مثل "سومترا"، وتأثير ذلك على تأخر إنجاز المشاريع المكلفة بها.
• الإشارة إلى تراجع دور صندوق النهوض بالمساكن الاجتماعية، وطلب توضيح معايير إسناد هذه المساكن.
• التنبيه إلى ضعف قنوات التواصل مع المواطن وعدم توفير المعلومات المتعلقة ببرامج الوزارة، مع مقترح إحداث خطة "ناطق رسمي".
• المطالبة بإحداث الطرق الحزامية في عدد من الولايات.
• الدعوة إلى استكمال المشاريع المعطّلة لإعادة التهيئة.
• التساؤل عن تقدم دراسة مشروع القطار السريع.
وإثر ذلك تولّى السيّد صلاح الزواري وزير التجهيز والإسكان التفاعل مع تدخلات النواب، وأكّد في البداية أهمية التعاون والتكامل بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية بمجلسيها بما يجسّم السياسات العامة للدولة التي يضبطها رئيس الجمهورية.
وذكّر الوزير بأنّ جلّ مداخلات النواب أتت على موضوع الطرقات سواء فيما يتعلق بالصيانة أو بإحداث طرقات ومسالك جديدة، وأوضح أن مهمة التجهيز رصدت 40 بالمائة من ميزانيتها للتعهّد بالبنية الأساسية للطرقات. وتعتزم الوزارة تنفيذ سياسة جديدة لإنجاز الطرقات والطرقات السيارة والمسالك الريفية وصيانة الشبكة الوطنية وإرساء نظام خاص بالمسالك الريفية لربط المناطق الداخلية بالخدمات والمراكز العمرانية.
وأشار الوزير إلى وجود عدة مشاريع هامة في كلّ الجهات، مما يستدعي تعزيز العنصر البشري خاصة في سلك المهندسين ومراقبي الأشغال والفنيين.
وأفاد أن الوزارة تعتزم الشروع في تنفيذ برنامج الطريق السيارة بوسالم – فرنانة (45 كلم) وهو من أهم المشاريع المبرمجة، بالإضافة إلى الطريق السيارة بالكاف (110 كلم) وستنطلق التصفية العقارية لهذا المشروع في بداية 2026. كما اشار الى الطريق الوطنية رقم 15 التي تربط القصرين بقابس عبر قفصة والطريق الوطنية رقم 16 انطلاقا من قابس إلى حدود القطر الجزائري عبر قبلي وهي مشاريع تعمل الوزارة على تنفيذها وهي في مرحلة الدراسة قبل الشروع في التصفية العقارية.
وبين وزير التجهيز والاسكان أن المدخل الجنوبي للعاصمة وطريق قربص والطريق السيارة جلمة ومشروع وصلة بنزرت كلّها مشاريع بصدد الإنجاز، وستأخذ الخطة التنموية 2026 – 2030، بعين الاعتبار هدفا إستراتيجيا يتمثل في إنجاز 3000 كم من المسالك الفلاحية.
وأما فيما يتعلق بحماية المدن من الفيضانات والكوارث، فقد أوضح الوزير أن الوزارة تواصل إعداد وتنفيذ الدراسة الاستراتيجية الوطنية للتحكم في مياه السيلان وتحيين الدراسات الفنية للمدن ذات التوسع العمراني الكبير. كما اشار إلى إقرار خطة وطنية لحماية المناطق الأكثر عرضة لمخاطر الفيضانات وحماية الشريط الساحلي والملك العمومي البحري لا سيما عبر تنفيذ أشغال حماية السواحل وتهيئة الموانئ وترميم المنشآت البحرية وتحديد الملك العمومي البحري وإعداد الدراسات الفنية لحماية المناطق المهددة بالانجراف البحري.
وبيّن الوزير، فيما يتعلق بموضوع السكن الاجتماعي، أن هذا البرنامج يهدف إلى مساعدة الفئات ضعيفة ومتوسطة الدخل للحصول على مساكن ومقاسم بأسعار مدروسة. وأبرز أن الانطلاق في تنفيذ برنامج الكراء المملّك سيتمّ خلال 2026 بعد إصدار القوانين والتراتيب الجاري بها العمل وإعداد كراس شروط في الغرض، بالإضافة إلى العمل على تطوير التشريعات لتمكين العناصر النسائي من برامج السكن وإدراج مقاربة النوع الاجتماعي في برامج الوزارة.
وفي سياق آخر، أشار الوزير إلى الانطلاق في العمل بالتنسيق مع وزارة الداخلية على تحيين أمثلة التهيئة العمرانية، ومن المنتظر أن يتمّ إصدار 126 مثال تهيئة خلال سنة 2026.
واكّد الوزير ضرورة تدعيم الإدارات الجهوية التابعة للوزارة سواء بالتجهيزات أو بالعنصر البشري، مبيّنا انه تمّ تخصيص 18 مليون دينار لاقتناء آلات ماسحة جديدة خلال بداية 2026 بالإضافة إلى برمجة انتدابات جديدة لمعالجة نقص الموارد البشرية.