ملخّص فعاليات الجلسة العامة ليوم الاثنين 14جويلية 2025

عقد مجلس نواب الشعب اليوم الاثنين 14 جويلية 2025، جلسة عامة حوارية برئاسة السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب وبحضور السيد نور الدين النوري وزير التربية والوفد المرافق له، وتضمّن جدول الاعمال إجراء حوار مع وزير التربية.
وفي مستهلّ الجلسة، القى رئيس مجلس نواب الشعب كلمة اكّد فيها أنّ القطاع التربوي في تونس يُمثّل مكسبًا وطنيًا مهمًا، يقوم على إيمان راسخ بأهمية الاستثمار في القدرات البشرية لبناء مجتمع متعلم ومتقدّم. وأشار إلى أنّ هذا التوجّه حظي بدعم إضافي من قبل دستور 25 جويلية 2022 الذي أكّد الحق في التعلّم للجميع وأسّس لمنظومة تربوية متكاملة تهدف إلى توفير تعليم شامل يضمن الجودة والإنصاف بين مختلف الفئات.
كما اغتنم رئيس المجلس مناسبة إختتام السنة الدراسية 2024/2025 للتعبير عن شكره وتقديره العميق لكل أفراد الأسرة التربوية الموسّعة على جهودهم المتواصلة، والتي تُتوج عادةً بالفرح والنجاح داخل البيوت التونسية. وتوجه في هذا السياق بأحرّ التهاني بمناسبة نجاح وتفوق أبنائنا وبناتنا في مختلف مراحل التعليم، متمنيًا لهم مزيدًا من التألق والنجاح في المستقبل.
ثمّ أحيلت الكلمة لوزير التربية الذي قدّم مداخلة أكّد من خلالها نجاح السنة الدراسية المنقضية، مشيرًا إلى أنّ مختلف الاستحقاقات التعليمية، خاصة المناظرات والامتحانات الوطنية، انتظمت في ظروف طيبة بفضل تضافر جهود جميع المتدخلين في إطار من التكامل والمسؤولية المشتركة، وهو ما أفضى إلى تأمين هذه المواعيد الوطنية الهامة وإنجاحها. ونوّه الوزير بالدور البارز الذي قام به الإطار التربوي والتزامه الكامل بالمقتضيات التربوية.
كما أعلن وزير التربية عن تمكين جميع التلاميذ الذين تحصّلوا على معدل 14 من 20 فما فوق في مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية من الالتحاق بهذه المؤسسات، في إجراء استثنائي يهدف إلى تكريس مبدأ العدالة بين المترشحين وتجسيدًا لتوجهات رئيس الجمهورية الرامية إلى توسيع قاعدة المستفيدين من التعليم النموذجي.
وأوضح الوزير أنّ نسبة النجاح في إمتحان الباكالوريا بلغت حوالي 52,57% وهي نسبة قريبة من السنوات السابقة. كما أشار إلى أنّ الوزارة بذلت جهودًا كبيرة للتصدي لظاهرة الغش الإلكتروني من خلال خطة شاملة تضمّنت حملات تحسيسية واستعمال وسائل إلكترونية متطوّرة قصد رصد حالات الغش وإحالتها على القضاء، مؤكدًا أنّ مقاومة هذه الظاهرة مستمرّة من أجل الحفاظ على مصداقية الشهادات الوطنية.
كما تطرّق الوزير إلى خطط الوزارة لتحسين النتائج في بعض الجهات التي شهدت تراجعًا، وذلك من خلال دعم التأطير العلمي والبيداغوجي وتحسين البنية التحتية وظروف التدريس، مؤكدًا حرص الوزارة على إدماج التلاميذ ذوي الإعاقة وضمان تكافؤ الفرص بينهم وبين بقية التلاميذ.
وأضاف أنّ الوزارة قامت خلال الفترة الممتدة من 2018 إلى 2025 بما يزيد عن 8000 تدخل لصيانة وتوسعة وإحداث مؤسسات تربوية، وتعمل حاليًا على استكمال مشاريع مبرمجة لافتتاح 19 مؤسسة جديدة مع مطلع السنة الدراسية 2025. كما تسعى إلى تطوير طاقة استيعاب السنة التحضيرية التي بلغت نسبة التغطية فيها حوالي 90%.
وفي إطار التحول الرقمي، كشف الوزير عن تجهيز المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية بـ 2260 مخبر متنقل، إضافة إلى توفير التجهيزات الإعلامية والمكتبية لتأثيث أكثر من 5270 قاعة تدريس ستجهّز بداية من الأسبوع المقبل. كما أعلن عن قيام الوزارة بجرد للمباني الخطرة وإعداد خطة عاجلة لتهيئتها حتى تكون المؤسسات جاهزة لاستقبال التلاميذ في ظروف آمنة مع افتتاح السنة الدراسي المقبلة. وذكر أنّه تم هدم 153 سياجًا مهددًا بالانهيار بعد حادثة المزونة، كما تمّ الانطلاق في إنجاز 149 سياجًا جديدًا لتعزيز السلامة.
وفي سياق آخر، أعلن الوزير عن إدماج دفعة أولى تضمّ 1069 أستاذًا ومعلمًا نائبًا في خطوة تعتبر ثورية لتحقيق العدالة الاجتماعية، مع تعيينهم بصفة رسمية قبل موفى جويلية، إضافة إلى إدماج 1226 عون مخبر وإطار إداري يقع خلاصهم بداية من سبتمبر 2025.
وبيّن أنّ الوزارة أنجزت 99 مناظرة داخلية شملت مختلف الأسلاك، كما تمّ تنظيم مناظرتين لتفقد التعليم الابتدائي والثانوي بعد سنوات من الانقطاع، تحت إشراف مباشر من الوزير لضمان الشفافية، مع متابعة دقيقة من لجنة متخصصة. كما أكّد خلاص جميع مستحقات الإطار التربوي، والوزارة تعمل حاليًا على صرف مستحقات الساعات الإضافية، تكريسا لمبدأ الإحاطة المادية والمعنوية بالمربين.
وختم الوزير مداخلته بالتشديد على أنّ العمل متواصل رغم الصعوبات لتحقيق مدرسة عمومية آمنة، عصرية وشاملة، تليق بتلاميذ تونس في مختلف جهاتها.
ثمّ تمّ فتح باب النقاش العام، حيث تطرّق النواب لعدد من الإشكاليات وتقدّموا بتوصيات متعلّقة بقطاع التربية، وفيما يلي أبرز النقاط المطروحة:
- ضرورة إصلاح المنظومة التربوية بإدخال أساليب وآليات تُحفّز التلاميذ على الدراسة وتجعلها تجربة ممتعة وجاذبة.
- الدعوة إلى وضع خطط ناجعة للحدّ من ظاهرة الانقطاع المدرسي.
- المطالبة بمراجعة اختبارات الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية، والتثبّت من محتواها حتى لا تكون مُبالغًا في صعوبتها بما يُسبّب الإحباط للتلاميذ.
- الدعوة إلى تسوية الوضعيات الإدارية للمعلمين والأساتذة النواب بشكل عادل ومنصف.
- المطالبة بالتصدي لظاهرة التشغيل الهشّ وتطبيق أحكام القانون المتعلّق بمنع المناولة في القطاع التربوي.
- الدعوة إلى إعداد برنامج وطني شامل لإصلاح المنظومة التربوية بما يضمن المحافظة على جودة التعليم في تونس.
- تعزيز الإحاطة والدعم البيداغوجي للأطفال من ذوي الاحتياجات الخصوصية.
- المطالبة بتكثيف الجهود لصيانة المؤسسات التربوية وتجديد تجهيزاتها بما يوفر بيئة تعليمية سليمة وملائمة.
- وضع آليات ناجعة للتصدي لظاهرة العنف داخل المؤسسات التربوية وفي محيطها المدرسي.
- الدعوة إلى تقييم محتوى الكتب المدرسية بشكل دوري ومراجعة بعض النصوص لتتلاءم مع متطلبات المرحلة.
- المطالبة بتكثيف جهود التوجيه البيداغوجي والحدّ من ظاهرة الدروس الخصوصية
- أهمية تفعيل المجلس الأعلى للتربية نظرا لدوره المحوري في قيادة مسار الإصلاح التربوي.
- الدعوة إلى تسوية الوضعيات الإدارية العالقة لبعض الأسلاك التابعة لوزارة التربية والإسراع بخلاص مستحقاتهم المالية.
- المطالبة بإصلاح المناهج التعليمية بما يعزز تنمية ملكة التفكير النقدي والمنطقي لدى التلميذ، بدلاً من الاقتصار على التلقين والحفظ.
- الدعوة إلى نشر نتائج ومخرجات الاستشارة الوطنية حول الإصلاح التربوي وتمكين الرأي العام من الاطلاع عليها.
- المطالبة بمراجعة التوقيت المدرسي الحالي بما يتلاءم مع مصلحة التلاميذ وظروفهم الاجتماعية.
- أهمية توفير قاعات مخصصة للمراجعة داخل المؤسسات التربوية، لتأمين التلاميذ وحمايتهم من البقاء في الشارع بعد الدروس.
- الدعوة إلى تأمين النقل المدرسي وتوفير وسائل نقل آمنة ومجهزة لتسهيل تنقل التلاميذ خاصة في المناطق الداخلية.
- التعبير عن القلق من تفاقم ظاهرة الدروس الخصوصية التي أثقلت كاهل العائلات التونسية وأصبحت عبئًا ماليًا متزايدًا.
- الإشارة إلى تدني مستوى التلاميذ في اللغات الأجنبية
- ضرورة إعداد خطط وطنية وجهوية شاملة للنهوض بقطاع التعليم في مختلف الجهات، بما يكرّس مبادئ الإنصاف والعدالة بين كل مناطق البلاد.
- الدعوة إلى تهيئة وصيانة المدارس الابتدائية، والحدّ من ظاهرة الاكتظاظ داخل الأقسام، مع توفير التجهيزات والوسائل التربوية الضرورية.
- المطالبة بتجهيز وتهيئة الملاعب داخل المدارس والمعاهد لتعزيز الأنشطة الرياضية ودعم التوازن النفسي والجسدي للتلاميذ.
- مراجعة البرامج التربوية ودعم الحسّ النقدي واعتماد التجارب التطبيقية.
- إحداث حساب بنكي لجمع التبرّعات لفائدة المدارس والمؤسسات التربوية.
- إثارة جملة من المسائل والمشاكل ذات الصبغة الجهوية والمحلية والتي تتطلب تدخّلًا عاجلًا من وزارة التربية
وفي تفاعله مع مداخلات النواب، أوضح وزير التربية أنّ جميع المتدخّلين في الشأن التربوي يتّفقون على التشخيص خاصّة فيما يتعلق بالبنية التحتية للمؤسسات التربوية، وأبرز أن الوزارة تقوم سنويّا بقرابة ألف تدخّل للصيانة وأنها تسعى إلى التسريع في نسق هذه التدخّلات حتّى تحقّق الهدف المنشود في إرساء مدرسة عمومية جاذبة وآمنة وتليق بمرتاديها تلاميذ ومربّين، كما أكّد أنّ تحقيق هذا الهدف لن يدرك إلا بالعمل وبالكدّ وبالإجتهاد.
وشدّد الوزير على أهميّة الزيارات الميدانية التي قام بها والتي شملت مختلف الجهات وأوضحت أنّ بعض المؤسسات تستوجب تدخّلا عاجلا في حين ان البعض الآخر يمكن إرجاء التدخّل فيه في مرحلة مقبلة. كما أكّد حرص الوزارة على تحقيق التوزيع العادل للتجهيزات التي تتطلّبه العملية البيداغوجية في إطار الإستعداد للتحوّل الرقمي التي تصبو إلى تحقيقه وزارة التربية بالشراكة مع كلّ المتدخّلين سواء على المستوى المركزي أو الجهوي أو المحليّ.
وبيّن وزير التربية أنّ المدارس الريفية لا يمكن ربطها بقنوات الشركة التونسية لتوزيع وإستغلال المياه، وأن الوزارة تبحث عن سبل أخرى لتزويد هذه المدارس بالماء الصالح للشرب، بإعتباره من أوكد الحاجيات.
وفي سياق آخر، أعلن وزير التربية أن كل الترقيات التي تهمّ كل الأسلاك قد تمّ تفعيلها، كما شرعت الوزارة في تسوية وضعية أعوان التأطير المتعاقدين قصد إدماجهم وذلك إبتداء من جانفي 2026. وأبرز أنّ كل المستحقات المالية المتعلقة بالأساتذة النواب قد سوّيت بعنوان سنة 2025، وبخصوص بعض الإستثناءات التي قد يطرأ عليها خطأ إما في المعرف الوحيد أو غيره، فقد دعا الوزير المعنيين بالأمر إلى الإتصال بالمندوبيات الجهوية التي يرجعون لها بالنظر قصد تسوية وضعياتهم.
وأكّد الوزير وجود نقص فادح في صنف العملة لا سيما في ولايتي مدنين وبن عروس، وسيتم فتح مناظرات في هذه الجهات قصد سدّ هذا الفراغ، كما ينطبق هذا الوضع على صنف القيّمين العامين، علما وأن هذا الصنف يخضع للتناظر والوزارة تعمل على إيجاد حلول لتذليل كل الصعوبات إمّا كليّا أو جزئيّا.
وفنّد وزير التربية الأخبار التي تروّج حول نيّة الوزارة في التفويت في المركز الوطني البيداغوجي، معتبرا أن هذا التمشّي غير مطروح بالمرّة، بل بالعكس، الوزارة تسعى للترفيع في نسق عمل كافة المنشآت العمومية وصيانتها وذلك تطبيقا لتوجيهات سيادة رئيس الجمهورية وسياسته في الحفاظ على المؤسسات العمومية حتّى تضطلع بدورها في خدمة المواطن التونسيّ.
وإعتبر وزير التربية أنّ الإصلاح التربوي ينبغي أن يكون شاملا لكي يحقّق الأهداف المرجوّة منه، كما أكّد إنطلاق عمل المجلس الأعلى للتربية في أقرب الآجال، مؤكّدا أنّ هذه المؤسسة هي مشروع وطني بإمتياز وأنّها ستدافع على المدرسة العمومية من منطلق النهوض بالبشر في مجتمع متغيّر وفي ظلّ مصادر متنوّعة للمعرفة قصد ضمان ديمومة هذه المنظومة الحمّالة للقيم والتي تبني الإنسان الذي يحتاجه الوطن.
وأبرز الوزير أنّ مصالح الوزارة ستتولى الإجابة على كلّ أسئلة النواب بصفة كتابية.
وفي ختام الجلسة العامة، بين السيد ابراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب أن وزارة التربية تستمدّ أهميتها ومكانتها المتميّزة من أهمية وجسامة المهام والصلاحيات الموكولة إليها. وأضاف أن اهتمام النواب بمختلف المشاغل والإشكاليات المرتبطة بتحقيق الأهداف التي يتمّ وضعها صلب السياسات التربوية، يتنزّل في إطار القيام بدورهم في إيصال صوت المواطن وانشغالاته والدفاع عن تطلعاته وآماله، التي هي في واقع الأمر آمال الأجيال القادمة وتطلعاتها.
كما شدد على أن المصلحة الوطنية تقتضي تكامل الأدوار بين وظائف الدولة وتأكيد الحرص على تدعيم مقومات التناغم والعمل المشترك على أهداف جامعة بوصلتها الارتقاء بالمنظومة التربوية وبجودة التعليم في جميع المؤسسات التربوية في كلّ ربوع البلاد ومزيد تطوير البرامج والمناهج، وتحسين وتأهيل البنية التحتية. وبين في هذا الصدد أننا نواجه العديد من التحديات، وثقتنا كبيرة في مؤسسات الدولة وفي انخراطها الفاعل والجاد في المجهود الوطني للبناء، لا خيار لدينا إلا مجابهة الصعاب والعمل المثابر من أجل تلبية احتياجات المجتمع المتجددة وإيجاد الحلول الجذرية والعادلة لمختلف الملفات العالقة بما يحفظ حقوق جميع الأطراف.
وأضاف السيد ابراهيم بودربالة أنه حرصا منه على حسن الاستعداد للعودة المدرسية القادمة، فإنّ مجلس نواب الشعب وبما لديه من صلاحيات دستورية أو عبر الأنشطة الفكرية في إطار الأكاديمية البرلمانية، يجدّد انفتاحه التام وتفاعله الإيجابي مع كلّ المبادرات التي ترمي إلى توفير أحسن الظروف لإنجاح هذه العودة على كافة المستويات بما يعيد البريق إلى التعليم ببلادنا وبما يعيد الثقة في المدرسة العمومية.
وعلى عن يقينه في أن المجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي تمّ استكمال النصوص القانونية المنظّمة له سيقوم بدوره المُرتقب في هذا المنحى، وسيتمّ الشروع بكلّ جدّية وعمق في الإصلاحات الضرورية التشريعية منها والبيداغوجية والمؤسساتية وغيرها، ممّا يتطلبه ضمان مستقبل واعد للأجيال القادمة وبما يعكس قناعات الشعب التونسي بأهمية التربية والتعليم وإيمانه الراسخ بأنّهما الطريق السالك نحو التقدّم والازدهار والرقيّ.

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى